للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإلى هذا التعريف ذهب الشافعية (١) ، والحنابلة (٢) ، على أن بعضهم يترك بعض القيود للعلم بها، ولهذا عرّفه بعض أصحاب هذا القول بقوله: "تحبيس الأصل، وتسبيل المنفعة" (٣) .

قال المرداوي: أراد من حدّ بهذا الحدّ مع شروط الوقف المعتبرة، وأدخل غيرهم الشروط في الحدّ (٤) .

شرح التعريف:

قولهم: "تحبيس مالك": سواء بنفسه أو نائبه.

وقولهم: "مطلق التصرف": ومَنْ له مطلق التصرف هو: المكلف، البالغ العاقل، الحرّ، الرشيد (٥) .

وهذان القيدان لم يذكرهما الشافعية في تعريفاتهم للعلم بهما، ولاشتراطهما لكل تصرف يرتب عليه الشارع أثراً شرعياً، فهم يشترطون في الواقف " صحة عبارته، وأهلية التبرع " (٦) .

وقولهم: "تحبيس " إشارة إلى الصيغة.

وقولهم: "ماله ": أي الشرعي، فخرج ما ليس شرعياً كالمحرم، وما كان مختصاً ككلب الصيد، ولهذا جاء في مطالب أولي النهى (٧) : " وعلم منه: أنه لا يصح الوقف من نحو مكاتب، ولا سفيه، ولا وقف نحو الكلب والخمر ... ".

وقولهم: "المنتفع به ": أي سواء كان الانتفاع به في الحال، أم لا كعبد صغير، وخرج بذلك: ما لا يمكن الانتفاع به نحو الحمار الزمن الذي لا يرجى برؤه.

وقولهم: " مع بقاء عينه ": أي ولو مدة قصيرة أقلها زمن يقابل بأجرة، وخرج به: ما لا ينتفع به إلا بذهاب عينه كشمعة للوقود وريحان مقطوع للشم وطعام للأكل، فلا يصح وقف شيء من ذلك؛ لأنه لا يمكن الانتفاع به إلا مع ذهاب عينه (٨) .


(١) ... الإقناع للشربيني ٢/٢٦، وفتح الوهاب ٢/٢٥٦، وتحفة المحتاج ٦/٢٣٥.
(٢) ... انظر: المطلع ٢٨٥، التنقيح ١٨٥، وشرح المنتهى للبهوتي ٢/٤٨٩.
(٣) ... المغني ٨/١٨٤.
(٤) ... الإنصاف ٧/٣.
(٥) ... ينظر: مطالب أولي النهى ٤/٢٧٠.
(٦) ... ينظر: منهاج النووي مع مغني المحتاج ٢/٣٧٦.
(٧) ... ٤/٢٧١.
(٨) ... ينظر: حاشية الباجوري على الغزي ٢/٦٩، وفتح الوهاب ٢/٢٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>