للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانت الأوقاف التي تحبس على الأزهر إما أن تكون للأزهر بصفة عامة، وذلك مثل الوقفية السالفة التي أوقفها الحاكم بأمر اللَّه في سنة ٤٠٠هـ، وإما أن تخصص للأروقة المختلفة بالأزهر أو لأساتذة المذاهب الأربعة، أو للإنفاق على تدريس مادة معينة، ولا سيما علوم القرآن والحديث.

وقد ظلت هذه الموارد الخاصة تنمو على مر العصور، وتوالت أوقاف أهل البذل من السلاطين والأمراء والكبراء على الجامع الأزهر خلال العصور، وكان الحكام يعززونها جيلاً بعد جيل.

وقد استمرت هذه الموارد تزداد شيئاً فشيئاً حتى تضخمت وبلغت الأوقاف المصرية العامة طبقاً لإحصاء سنة ١٨١٢م (١٢٢٧هـ) ٦٠٠.٠٠٠ فدان أي أنها كانت تزيد على خمس جميع الأراضي المصرية، لأن إحصاء جميع الأراضي المصرية سنة ١٨١٣م بلغت فيه مساحة الأراضي المصرية كلها (٢.٥٠٠.٠٠٠فدان) (١) .

وكانت الدولة تُعيّن ناظراً على أوقاف الأزهر من المماليك يتولى الإشراف على أوقاف الأزهر وإدارتها والصرف على الأزهر في العصر المملوكي والعصر العثماني وشيئاً فشيئاً تدخل العلماء إلى أن أصبحوا يتولون النظارة على أوقاف الأزهر، وعلى كثير من الأوقاف الخاصة بالمساجد والمدارس والأسبلة وخاصة في نهاية العصر العثماني.

وكانت تلك الأوقاف مصدر قوة للجامع الأزهر وقد حققت له استقلالاً ذاتياً عن التأثرات السياسية، والمذهبية. فلم يعرف عنه طوال عصوره شيئاً من ذلك، بل عاش علماء الأزهر وطلابه معززين مكرمين، بمنأى عن الخضوع لأحد، ومارس علماؤه حرية مطلقة في اختيار الدراسات والبحوث والموضوعات التي تلقى على الطلاب، وفي انتقاء الكتب التي يقرؤها المشايخ عليهم دون إشراف من أحد، أو توجيه منه.

جهود العلماء في الحفاظ على موارد الأزهر:


(١) ... عجائب الآثار في التراجم والأخبار للجبرتي ٣/٣٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>