للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

، والذي ضمن للأزهر هذا الاستمرار بتوفيق من اللَّه هو الوقف الإسلامي الذي دعمه اقتصادياً، وحماه من انقلابات الدول، وكفاه شر المحن المتعاقبة على مدى تاريخه الطويل.

فالعامل الاقتصادي الذي شكل قاعدة اقتصادية ارتكز عليها الأزهر طوال تاريخه الطويل، اعتماداً على الأوقاف الإسلامية التي يرصدها أهل البذل من الحكام والأثرياء، كان ضامناً للاستمرارية في أداء رسالته.

ففي العصر الفاطمي توجد عدة وثائق ونصوص تُلقي ضوءاً على الموارد الأولى للأزهر، وأولى هذه الوثائق وأهمها سجل صدر عن الحاكم بأمر اللَّه بن العزيز باللَّه في رمضان سنة ٤٠٠هـ ويوقف فيه بعض أملاكه من دور وحوانيت ومخازن، لينفق من ريعها على الجامع الأزهر، والجامع الحاكمي، وجامع براشدة، وجامع المقدس، ودار العلم بالقاهرة، ويفرد فيه لكل منها نصيباً خاصاً ويفصل وجوه النفقة فيها.

ومن ذلك فيما يختص بالجامع الأزهر، رواتب الخطيب والمشرف والأئمة، وما ينفق على فرش الجامع وتأثيثه وإنارته من الحصر والقناديل والزيت، وعلى إصلاحه وتنظيفه، وإمداده بالماء وغير ذلك من وجوه الإنفاق، وقد فصل ذلك تفصيلاً شاملاً في وثيقة كاملة أثبتها المقريزي بنصها في خططه (١) .

وتعد هذه أول وثيقة لوقفية صدرت عن أحد خلفاء الفاطميين ورتبت للأزهر بعض النفقات، وينقل المقريزي عن المسبحي (مؤرخ الدولة الفاطمية) في حوادث سنة ٤٠٥هـ في عصر الحاكم بأمر اللَّه أيضاً أنه قُرىء في شهر صفر سجل بتحبيس عدة ضياع وغيرها على القرّاء والفقهاء والمؤذنين بالجامع، وأرزاق المستخدمين " ويفهم من الشطر الأول من هذا النص بأن القرّاء والأساتذة بالأزهر كانوا من المنتفعين بموارد الأعيان المحبوسة في هذا السجل" (٢) .

أنواع الأوقاف على الأزهر:


(١) ... المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار ٢/٢٧٤.
(٢) ... المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>