للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخصاصة إلا اهتدى وتحولا

يستنقذ الأسرى ويغني العيلا

شفى النفوس وداؤها قد أعضلا (١)

ويكفي برهاناً على كثرة أوقاف المدارس والمساجد في دمشق أن النووي لم يكن يأكل من فواكه دمشق طيلة حياته؛ لأن أكثر غوطتها وبساتينها أوقاف (٢) .

وإذا كانت دمشق قد اشتهرت بكثرة مدارسها والأوقاف التي حبست عليها، فإن غيرها من الحواضر الإسلامية كبغداد، وقرطبة، والكوفة، والبصرة، والقيروان، والقاهرة كثرت فيها المدارس. وكل ذلك جاء ثمرة من ثمرات الأموال الموقوفة التي خصصت للدراسة العلمية.

ويتحدث ابن خلدون عما شاهده في القاهرة من التطور العلمي والحضاري فيذكر أن هذا التطور مرده إلى الأموال الموقوفة من أراض زراعية ومبان وبيوت وحوانيت، وأن هذه الأموال التي حبست على المؤسسات التعليمية في القاهرة أدت إلى أن يفد إلى هذه المدينة طلبة علم وعلماء من مغرب العالم الإسلامي ومن مشرقه في سبيل الحصول على العلم المجاني، وبذلك نما العلم وازدهر في مختلف الفروع والتخصصات (٣) .

وكانت الدراسة في تلك المدارس تشبه الدراسة الثانوية والعالية في عصرنا الحاضر، وكان التعليم فيها لجميع أبناء الأمة دون تفرقة بين فئة وأخرى، وكان الطلاب الذين يدرسون فيها نوعين:

النوع الأول: الغرباء الذين وفدوا من بلاد نائية ويدخل مع هؤلاء الذين لا تساعدهم أحوالهم المادية أن يعيشوا على نفقات آبائهم، وكان لهذا النوع من الطلاب غرف خاصة للنوم ومكتبة ومطبخ وحمام، وهو قسم داخلي.

والنوع الثاني من الدارسين: يمثلون الطلاب الذين يرغبون في أن يرجعوا في المساء إلى أهليهم وذويهم وهؤلاء في قسم خارجي.


(١) ... مجلة الوعي الإسلامي عدد (٣٨٢) ، ص٣٧.
(٢) ... انظر: تذكرة الحفاظ للذهبي ٤/٢٥٣.
(٣) ... ينظر: مقدمة ابن خلدون ١/٨٨، والعبر لابن خلدون ص٢٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>