للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصل: وجوب العمل بشرط الواقف؛ لقول اللَّه تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ((١) ، والإيفاء بالعقد يتضمن الإيفاء بأصله ووصفه، ومن وصفه الشرط فيه، ولما رواه أبو هريرة رضي اللَّه عنه أن النَّبِيّ (قال: "المسلمون على شروطهم" (٢) ، ولأن عمر رضي اللَّه عنه "وقف وقفاً واشترط فيه شروطاً " (٣) ، فلو لم يجب اتباع شرطه لم يكن في اشتراطه فائدة.

تغيير شرط الواقف ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: تغييره من أعلى إلى أدنى:

فهذا محرم ولا يجوز بالاتفاق (٤) ؛ لما تقدم من الدليل على وجوب العمل بشرط الواقف.

مثل: أن يقفه على فقراء أقاربه، فيصرف إلى فقراء الأجانب ونحوذلك.

القسم الثاني: تغييره من مساوٍ إلى مساوٍ:

وهذا أيضاً محرم ولا يجوز بالاتفاق (٥) ؛ إذ الاصل: وجوب العمل بشرط الواقف، لما تقدم من الدليل على ذلك.

مثل: أن يقف على فقراء بلد، فيصرفه إلى فقراء بلد آخر، ونحو ذلك.

القسم الثالث: تغييره من أدنى إلى أعلى:

مثل أن يقفه على العُبَّاد، فيصرفه إلى العلماء، ونحو ذلك، فاختلف العلماء في حكم ذلك على قولين:

القول الأول: جواز ذلك.

وهو ظاهر مذهب الحنفية (٦) ، والمالكية (٧) ، وهو قياس اختيار شيخ الإسلام (٨) في إبدال الوقف عند ظهور المصلحة.

جاء في البحر الرائق: " والحاصل أن تصرف الواقف في الأوقاف مقيد بالمصلحة، لا أنه يتصرف كيف شاء، فلو فعل ما يخالف شرط الواقف فإنه لا يصح إلا لمصلحة ظاهرة ".


(١) ... سورة المائدة: ١.
(٢) ... أخرجه البخاري معلقاً بصيغة الجزم (ح٤٥١) فتح الباري.
(٣) ... تقدم تخريجه ص١٣.
(٤) ... المصادر السابقة ص٤٤.
(٥) ... المصادر السابقة.
(٦) ... البحر الرائق ٥/٢٧٧، والأشباه والنظائر ص١٩٥، وحاشية ابن عابدين ٣/٣٨٧.
(٧) ... ينظر: الفواكه الدواني ٢/٢٢٥.
(٨) ... مجموع فتاوى شيخ الإسلام ٣١/٢٥٣، والاختيارات الفقهية ص١٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>