للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدلة القول الثاني:

استدل أصحاب هذا القول بما يلي:

١ - ما تقدم من أدلة وجوب العمل بشرط الواقف (١) .

... ونوقش هذا الاستدلال: بأن تغيير شرط الواقف من أدنى إلى أعلى عمل بشرط الواقف، وزيادة.

٢ - قول الرسول (لعمر رضي اللَّه عنه: " تصدق بأصله لا يباع ولا يوهب ولا يورث، ولكن ينفق ثمره" (٢) . وإذا منع من تغيير الأصل فكذا الفرع، وهو الشرط فيه.

ونوقش الاستدلال بهذا الحديث: أن المراد ببيع الوقف الممنوع إنما هو البيع المبطل لأصل الوقف، وعلى افتراض أن المراد به عموم بيع الوقف فإنه يخص منه حالة التعطل، وكذا حالة رجحان المصلحة لما تقدم من الدليل على ذلك.

ثانياً: قياس الموقوف على الحر المعتق، فكما أن العتيق الحر لا يقبل الرق بعد عتقه، فكذلك العين الموقوفة لا تقبل الملك بعد صحة الوقف (٣) .

... وكذا شرط الوقف.

مناقشة الدليل:

أن هذا القياس قياس مع الفارق فلا يعتد به؛ لأن المعتق خرج عن المالية بالاعتاق بخلاف الوقف فلم يخرج عن المالية.

وقال القاضي أبو الحسين بن القاضي أبي يعلى الفراء: احتجوا بأنه بالوقف زال ملكه على وجه القربة، فلا يجوز التصرف فيه كإزالته على وجه العتق.

والجواب أن الهدي الواجب بالنذر قد زال ملكه عنه، ويجوز التصرف فيه بالذبح قبل محله، وكذلك إذا نذر أن يتصدّق بدراهم بعينها جاز إبدالها بغيرها، وكذلك إذا جعل داره هدياً إلى الكعبة جاز بيعها وصرف ثمنها إلى الكعبة، فأما العبد إذا أعتقه فلا سبيل إلى إعادة المالية فيه بعد عتقه؛ لأنه إتلاف للمالية بخلاف مسألتنا، فإن المالية فيه ثابتة، وإنما المنافع هي المقصودة فتوصل بماليته إلى حصول فائدته بإبداله وبيعه، فصار شبهه بالهدى إذا عطب أولى من العبد إذا أعتق (٤) .


(١) ... ص٤٨.
(٢) ... الحديث سبق تخريجه ص١٣.
(٣) ... ينظر: المناقلة بالأوقاف ص١١٨.
(٤) ... انظر: المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>