للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثاً: ما رواه ابن عمر رضي اللَّه عنهما قال: " أهدى عمر بن الخطاب نجيباً (١) فأعطي بها ثلاثمائة دينار، فأتى النبي (فقال: يا رسول اللَّه إني أهديت نجيباً، فأعطيت بها ثلاثمائة دينار، أفأبيعها واشترى بثمنها بدناً؟ قال: "لا، انحرها إياها" (٢) .

وجه الدلالة: أن النبي (منع عمر بن الخطاب من تغيير الهدي، فيقاس عليه تغيير الوقف، وشرطه.

ونوقش هذا الاستدلال من وجوه:

الوجه الأول:

أن هذا الحديث ضعيف لا يحتج به لأمرين:

أحدهما: أن فيه الجهم بن الجارود. قال الذهبي: فيه جهالة (٣) .

الثاني: أن الحديث فيه انقطاع، فقد ذكر البخاري في تاريخه. أنه لا يعرف لجهم سماع من سالم (٤) .

الوجه الثاني:

لو فرض صحة الحديث، فإنه يقال: إن فرض المسألة كون العين التي وقع الاستبدال بها أرجح من الوقف وأولى. والعين التي أراد عمر الاستبدال بها ليست أرجح من النجيبة بالنسبة إلى التقرب إلى اللَّه تعالى، بل النجيبة كانت راجحة على ثمنها، وعلى البدن المشتراة به، وذلك لأن خير الرقاب أغلاها ثمناً وأنفسها عند أهلها،والمطلوب أعلى ما يؤخذ فيما يتقرب به إلى اللَّه تعالى وتجنب الدون (٥) .

الوجه الثالث:

لو فرض صحة الحديث، ولو سلمنا كون الاستبدال بالهدي والأضحية ممنوعاً منه، لم يلتزم عدم جواز الاستبدال في الأوقاف عند رجحان المصالح، وذلك أن الوقف مراد لاستمرار ريعه ودوام غلته بخلاف الهدي والأضحية (٦) .

الترجيح:


(١) ... النجيب: الفاضل من كلّ حيوان. انظر: النهاية في غريب الحديث، مادة (نجب) ٥/١٧.
(٢) ... الحديث أخرجه أبو داود في المناسك، باب تبديل الهدى (ح١٧٥٦) ، وأحمد ٢/١٤٥، وابن خزيمة في صحيحه، في المناسك، باب استحباب المغالاة في ثمن الهدى وكرائمه (ح٢٩١١) .
(٣) ... ميزان الاعتدال ١/٤٢٦.
(٤) ... التاريخ الكبير ٢/٢٣٠.
(٥) ... انظر: المناقلة بالأوقاف ص١٢١.
(٦) ... انظر: المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>