للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من خلال هذا العرض تظهر قوة أدلة القول الأول القائل بجواز تغيير شرط الواقف عند رجحان المصلحة، لما تقدم من الأدلة على جواز تغيير الأصل، ففي الشرط من باب أولى، وعلى هذا يمكن الإفادة مما حبس من الأموال على غير العلم بصرفها إلى العلم وما يتعلق به إذا كان هذا أصلح، بحيث لا يخل بقصد الواقف، واللَّه أعلم.

المطلب الثاني: الإفادة من الوقف إذا كان في سبيل اللَّه، أو في طرق الخير

إذا قال الواقف: هذا وقف في سبيل البر، أو الخير، أو الثواب، اختلف العلماء في تعيين مصرف ذلك على قولين:

القول الأول: أنه يصرف إلى ما فيه صلاح المسلمين من أهل الزكاة، وإصلاح القناطر (١) ، وسد الثغور (٢) ، ودفن الموتى، وغيرهم، كنشر العلم.

وبه قال بعض الشافعية (٣) .

حجة هذا القول:

احتج لهذا القول بما يلي: أن سبيل الخير، والبر، والثواب يشمل كل ما تقدم كما في قوله تعالى: (ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل اللَّه أموات بل أحياء عند ربهم ولكن لا تشعرون ((٤) فالمراد هنا الجهاد في سبيل اللَّه (٥) .

وقوله تعالى: (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل اللَّه كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة ((٦) ، فالمراد هنا: كل ما يتعلق بطاعة اللَّه عز وجل (٧) .


(١) ... القنطرة: ما يبنى على الماء للعبور، والجسر عام. المغرب ٢/١٨٥، مادة: (قنطر) .
(٢) ... الثغر من البلاد: الموضع الذي يخاف منه هجوم العدو، فهو كالثلمة في الحائط يخاف هجوم السارق منها، والجمع ثغور. المصباح ١/٨١، مادة (ثغر) .
(٣) ... روضة الطالبين ٥/٣٢٠.
(٤) ... سورة البقرة، آية: ١٥٤.
(٥) ... المغني ٨/٢٠٩.
(٦) ... سورة البقرة، آية: ٢٦١.
(٧) ... تفسير الطبري ٣/٦٢، وتفسير ابن كثير ١/٣١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>