للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحدث حدثًا أصغر إذ هو المنقول عن الصحابة وجل التابعين، وبه قال جمهور الأئمة المجتهدين، وهو مذهب الأئمة الأربعة، وهو الذي عليه العمل والفتوى في مختلف العصور والأمصار، كما قال ابن عبد البر: (أجمع فقهاء الأمصار الذين تدور عليهم الفتوى وعلى أصحابهم بأن المصحف لا يمسه إلا طاهر) (١) ، ثم رأيت إتمامًا للفائدة بحث بقية ما يتعلق بمس القرآن الكريم من أحكام ومسائل، لأنني لم أقف على مؤلَّفٍ مستقل في ذلك، فتم إعداد هذا البحث بعنوان (من أحكام مس القرآن الكريم دراسة فقهية مقارنة) وقد انتظم في مقدمة وثمانية مطالب وخاتمة.

وقد سلكت فيه المسلك العلمي المتبع في بحث المسائل الشرعية بحثًا فقهيًا مقارنًا، بذكر آراء العلماء في كل مسألة من مسائله وأدلتها، مع بيان الراجح من تلك الآراء، مبينًا وجه الترجيح.

فأسأل الله عز وجل أن يكون هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وزلفى لديه إلى جنات النعيم، وهو حسبنا ونعم الوكيل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

المطلب الأول: في بيان ما يشمله اسم المصحف

أولاً: نص فقهاء المذاهب الأربعة على أن اسم المصحف يشمل المكتوب منه، وما بين سطوره، وحواشيه، وغلافه المتصل به؛ لأنه يتبعه في البيع. وعلى هذا فقد صرحوا: بأنه لا يجوز للمحدث أن يمس شيئًا من ذلك كله في الصحيح من مذاهبهم، وأن حكم البعض من المصحف، والجزء منه كحكمه كله في تحريم مس شيء منه على البالغ (٢) ودونك أقوالهم المصرحة بذلك:


(١) الاستذكار، ٨/١٠.
(٢) وكذا الصغير على القول بأن حكمه حكم الكبير في تحريم مس المصحف عليه، أما على القول بجواز مسه للمصحف لحاجة التعليم، فالحكم ظاهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>