للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهب الحنفية والحنابلة في قول في كلا المذهبين: إلى أنه يجوز للمحدث حدثًا أصغر أن يمس المصحف بغير أعضاء الوضوء؛ لأن الحدث لا يحل فيها، وإلى جواز مس المصحف بما غسل من أعضاء الوضوء، قبل إكماله، لارتفاع الحدث عنها (١) .

ولا شك في رجحان القول الأول وهو ما ذهب إليه فقهاء المذاهب الأربعة في الصحيح من مذاهبهم لقوة ما استدلوا به، ووجاهة ما عللوا به، ودونك أقوالهم المصرحة بذلك:

قال في حاشية البحر الرائق: (قال العلامة الزيلعي: ولا يجوز له مس المصحف بالثياب التي يلبسها؛ لأنها بمنزلة البدن ... وهذا يفيد: أنه لا يجوز حمله في جيبه، ولا وضعه على رأسه مثلاً بدون غلاف متجاف، وهذا مما يغفل عنه كثير، فتنبه) (٢) .

وقال الدردير في الشرح الكبير: (ومَنَعَ حدثٌ أصغر، وكذا أكبر ... صلاة، وطوافًا، ومس مصحف كتب بالعربي، لا بالعجمى إن مسه بعضو، بل وإن مسه بقضيب أي عود) (٣) .

وقال في مغني المحتاج: (ويحرم بالحدث ... وحملُ المصحف، ومسُّ ورقه المكتوب فيه، وغيره بأعضاء الوضوء، أو بغيرها، ولو كان فاقدًا للطهورين، أو مسه من وراء حائل، كثوب رقيق لا يمنع وصول اليد إليه) (٤) .


(١) انظر: الدر المختار مع حاشيته لابن عابدين، ١/٣١٦، الفتاوى الهندية، ١/٣٩، الإنصاف، ١/٢٢٥.
(٢) ١/٢١٢، وانظر: فتح القدير، ١/١٦٩.
(٣) ١/١٢٥، وانظر: جواهر الإكليل، ١/٢١.
(٤) ١/٣٦-٣٧، وانظر: المهذب حيث قال: (لا يجوز للمحدث أن يمس المصحف بظهره وإن كانت الطهارة تجب في غيره ... ) ؛ حاشية البيجوري ١/٢٢١، وقال: (والمراد مسه بأي جزء لا بباطن الكف فقط، كما توهمه بعضهم) .

<<  <  ج: ص:  >  >>