للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي يظهر لي أن الراجح من هذين القولين: هو القول بعدم التحريم، لقوة ما استدل به أصحابه، ووجاهة ما عللوا به، وللفرق الظاهر بين الغلاف المنفصل والمتصل، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في معرض ترجيحه لهذا القول: (والعلاقة وإن اتصلت به فليست منه إنما تراد لتعليقه وهو مقصود زائد على مقصود المصحف، بخلاف الجلد فإنه يراد لحفظ ورق المصحف وصونه) (١) .

المطلب الثاني: في بيان المراد بالمس المحرم

أولاً: اتفق فقهاء المذاهب الأربعة في الصحيح من مذاهبهم على أن مس المصحف للمحدث حدثًا أكبر أو أصغر باليد، أو بغيرها، من أعضاء الوضوء، أو سائر أجزاء البدن، كتقبيله أو مسه بصدر أو ظهر ونحوها مباشرة من غير حائل يعتبر محرمًا، وذلك لصدق اسم المس عليه، فيدخل في عموم النهي عن مس القرآن على غير طهارة؛ لأن كل شيء لاقى شيئًا فقد مسه (٢) ؛ ولأن من اللائق بتعظيم المصحف وتكريمه تحريم المس في أعضاء البدن وأجزائه كلها (٣) .

وذهب الحكم بن عتبة، وحماد بن أبي سليمان إلى جواز مس القرآن بظاهر الكف وسائر أجزاء البدن، وأنه لا يحرم إلا المس بباطن اليد فقط.

معللين لذلك: بأن آلة المس هي باطن الكف، فينصرف إليها النهي دون غيرها من أعضاء البدن وأجزائه.

وقد ضعف ابن قدامة هذا القول، ورده بقوله: (وقولهم إن المس إنما يختص بباطن اليد ليس بصحيح، فإن كل شيء لاقى شيئًا فقد مسه) (٤) .


(١) شرح العمدة، ص، ٣٨٥.
(٢) انظر: المغني، ١/١٤٧، الشرح الكبير، ١/٩٥.
(٣) انظر: مطالب أولي النهى، ١/١٥٤.
(٤) انظر: المغني، ١/١٤٧، الشرح الكبير، ١/٩٥، معونة أولي النهى، ١/٣٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>