للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

، والحنابلة (١) .

معللين لذلك: بأن ما في كتب التفسير من القرآن كثير، فتكون في معنى المصحف، فيحرم مسها على المحدث، تعظيمًا للقرآن وإجلالاً، بخلاف غيرها من كتب العلم، فإن ما فيها من القرآن يسير غير مقصود بالمس (٢) .

الترجيح:

والذي يظهر لي أن الراجح من هذه الأقوال هو القول بجواز مس كتب العلم كلها، تفسيرًا كانت أو غيرها، لقوة أدلته، ورجحانها على استدلالات القولين الآخرين، ولما في اشتراط الطهارة لذلك مع عدم النص الموجب، من مشقة وحرج.

ومع هذا فإن الأولى والمستحب للمحدث أن لا يمس كتب العلم المتضمنة لآيات من القرآن إلا على طهارة، كما نص على ذلك كثير من العلماء (٣) .

الفرع الثاني: مس ما كُتِبَ فيه شيء من القرآن مما لا يقصد للقراءة كالدرهم، والدينار، والخاتم، والثوب، والحائط، ونحو ذلك.

وقد اختلف العلماء في حكم مس المحدث لشيء من هذه الأشياء المذكورة إذا اشتملت على آية من القرآن فأكثر، على قولين:

القول الأول:

أنه يجوز للمحدث مس الدرهم ونحوه مما ذكر، إذا كتب فيه شيء من القرآن.

وبهذا قال: المالكية (٤) ، والشافعية (٥) ، والحنابلة (٦) في الصحيح من مذاهبهم (٧)


(١) الإنصاف، ١/٢٢٥؛ معونة أولي النهى، ١/٣٧٦.
(٢) انظر: فتح الجواد، ١/٥٦، مغني المحتاج، ١/٣٣.
(٣) انظر: مصنف عبد الرزاق، ١/٣٤٤، شرح السنة، ٢/٥٠، بدائع الصنائع، ١/٣٤؛ البحر الرائق، ١/٢١٢، المجموع، ١/٧٦، مغني المحتاج، ١/٣٧.
(٤) ويجوز مس هذه الأشياء عندهم حتى للجنب والحائض.
انظر: الذخيرة، ١/٢٣٧، عقد الجواهر، ١/٦٢؛ الشرح الكبير للدردير، ١/١٢٥؛ أسهل المدارك، ١/١٠٠.
(٥) روضة الطالبين، ١/١٩١؛ مغني المحتاج، ١/٣٨؛ فتح الجواد، ١/٥٦.
(٦) الكافي، ١/٤٨؛ الإنصاف، ١/٢٢٤، الإقناع، ١/٤١.
(٧) وبه قال من التابعين الحسن البصري، والقاسم بن محمد، وقتادة.

انظر: مصنف عبد الرزاق، ١/٣٤٣، مصنف ابن أبي شيبة، ١/١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>