للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول السرخسي - رَحِمَهُ اللهُ - في المبسوط: (وفيه دليل على أنهم كانوا يختصمون فيما بينهم ولانظن بواحد منهم سوى الجميل لكن كان يستبهم عليهم الحكم فيختصمون إلى الحاكم ليبين لهم) (١) .

وفي الخبر المروي عن علي - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - دليل على أنه ينبغي التحرز عن الخصومة ما أمكن لما أشار إليه - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أنه موضع لحضرة الشيطان وأن للخصومة قحماً أي مهالك.

يقول السرخسي - رَحِمَهُ اللهُ -: وفيه دليل على أن التحرز عن الخصومة واجب ما أمكن (٢) .

وكره مالك - رَحِمَهُ اللهُ - لذوي الهيئات الخصومات، وقال: كان القاسم بن محمد يكره لنفسه الخصومة، ويتنزه عنها، وكان إذا نازعه أحد في شيء، قال: إن كان هذا الشيء لي فهو لك، وإن كان لك فلا تحمدني عليه.

وكان ابن المسيب إذا كان بينه وبين رجل شيء لايخاصمه، ويقول: الموعد يوم القيامة.

وقال مالك: من علم أن يوم القيامة يحاسب فيه على الصغير والكبير، ويعلم أن الناس يوفون حقوقهم من الحسنات، وأن الله عزّوجل لايخفى عليه شيء فليطب بذلك نفساً، فإن الأمر أسرع من ذلك، وما بينك وبين الآخرة وما فيها إلاَّ خروج روحك حتى تنسى ذلك كله حتى كأنك ما كنت فيه ولا عرفته.

وقال أيضاً: من خاصم رجل سوء (٣) .


(١) المبسوط ١٩/٣.
(٢) المرجع السابق.
... والسرخسي هو: محمد بن أحمد بن أبي سهل، أبو بكر، شمس الأئمة السرخسي، كان إماماً وعلامة وحجة، من فقهاء الحنفية، أملى المبسوط في نحو خمسة عشر مجلداً وهو في السجن، اختلف في وفاته، والأشهر أنه توفي سنة ٤٨٣. انظر: الفوائد البهية ص ١٥٨، والفتح المبين ١/٢٦٤.
(٣) منح الجليل ٦/٣٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>