للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

، وهذا النوع اختلف العلماء في حكم التوكيل بإثباته على قولين:

القول الأول: أن التوكيل في إثباته يصح، وبه قال أبو حنيفة ومحمد (١) والشافعية (٢) ، وقول عند الحنابلة، وهو المذهب واختاره القاضي (٣) وغيره، وقدمه في المغني وغيره (٤) .

واستدلوا بما يلي:

١ - أنه حق يجوز التوكيل فيه مع حضور الموكِّل فجاز مع غيبته كسائر الحقوق.

٢ - ولأن من جاز توكيله في غير الحدود جاز توكيله في الحدود كالحاضر (٥) .

القول الثاني: لاتصح الوكالة في إثبات الحدود كحد السرقة والقذف، وهذا قول أبي يوسف (٦) .

ووجهه: أن الحدود لايصح التوكيل باستيفائها فلايصح التوكيل بإثباتها إذ الإثبات وسيلة الاستيفاء (٧) .

ونوقش: بالفرق بين الاستيفاء والإثبات، والفرق أن امتناع التوكيل في الاستيفاء لمكان الشبهة وهي منعدمة في التوكيل بالإثبات (٨) .

ويُمكن أيضاً مناقشته بأنه قياس على مختلف فيه، ولايصح القياس على مختلف فيه إذ للمخالف أن يقول نحن نمنع الحكم في الأصل فلايتم القياس، والله أعلم.


(١) بدائع الصنائع ٦/٢١.
(٢) الحاوي للماوردي ٦/٥١٦، والعزيز شرح الوجيز ٥/٢٠٩.
(٣) هو: محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن أحمد بن الفراء، أبو يعلى، المعروف بالقاضي الكبير، فقيه حنبلي وأصولي ومحدث، ولد سنة ٣٨٠ هـ، وتوفي سنة ٤٥٨ هـ. انظر: طبقات الحنابلة ٢/١٩٣، والبداية والنهاية ١٢/٩٤ وما بعدها.
(٤) المغني ٧/٤٥١، والإنصاف مع المقنع والشرح الكبير ١٣/٤٥١.
(٥) الحاوي ٦/٥١٦.
(٦) بدائع الصنائع ٦/٢١.
(٧) المرجع السابق، وتبيين الحقائق ٤/٢٥٥.
(٨) بدائع الصنائع ٦/٢١، والحاوي للماوردي ٦/٥١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>