للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا زنا قد ظهر واشتهر لكن أراد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يعرف هل هي باقية على إقرارها؛ لأن ذلك شرط وجوب الحد أو أراد تثبيت إقرارها على الوجه المشروع، والله أعلم.

الدليل الثاني: أن الحاكم إذا استناب دخل في ذلك الحدود فإذا دخلت في التوكيل بطريق العموم، وجب أن تدخل بالتخصيص بها أولى (١) .

والقول الراجح في نظري هو القول الثاني وهو جواز التوكيل بإثبات الحد؛ إذ ليس في التوكيل بإثباتها محظور، ولايمنع ذلك من درئها بالشبهة، ولايسلم أنه لايحتاج إلى الخصومة بل قد يحتاج إليها في أحوال كما يشهد لذلك الواقع، وقد لايستطيع المخاصمة بنفسه فيحتاج إلى التوكيل، والله أعلم.

المسألة الثانية: التوكيل في حقوق الله عزّوجل التي تحتاج إلى خصومة:

هذا هو النوع الثاني من حقوق الله عزّوجل على تقسيم الكاساني - رَحِمَهُ اللهُ - وهو ما يحتاج إلى خصومة كحد السرقة والقذف (٢)


(١) المغني ٧/٢٠١ وما بعدها.
(٢) اختلف العلماء في حد القذف هل حق الله فيه غالب أو حق العبد هو الغالب، فذهب الحنفية إلى أن حق الله هو الغالب. انظر: بدائع الصنائع ٦/٢١، وحاشية رد المحتار ٦/٨٦.
... واتفق المالكية أنه حق للمقذوف، واختلفوا هل يتعلق به حق لله أو لا؟ على ثلاثة أقوال:
... أحدها: نعم يتعلق به حق لله.
... والثاني: لايتعلق به حق لله.
... والثالث: أنه حق للمقذوف ما لم يبلغ الإمام، فإذا بلغه صار حقاً لله ولم يجز لصاحبه العفو عنه، إلاَّ أن يريد ستراً، وهو قول لمالك - رَحِمَهُ اللهُ -. انظر: التاج والإكليل مع مواهب الجليل ٨/٤١٢، وغلب الشافعية فيه حق الآدمي. انظر: نهاية المحتاج ٧/٤٣٧، ومغني المحتاج ٤/١٥٥، والمنثور ٣/٦٧.
... واختلف الرواية عن أحمد فروى عنه أنه حق آدمي، وهذا هو المذهب.

... وروى عنه أنه حق لله. انظر: الإنصاف ١٠/٢٠٠، ولعل المراد ما الذي يغلب منهما، إذ قد علم أنه ما من حق لآدمي إلاَّ وفيه حق لله تعالى، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>