للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول النووي (١) - رَحِمَهُ اللهُ -: (واعلم أن بعث أنيس محمول عند العلماء من أصحابنا وغيرهم على إعلام المرأة بأن هذا الرجل قد قذفها بابنه فيعرفها بأن لها عنده حد القذف فتطالب به أو تعفو عنه إلاَّ أن تعترف بالزنا فلايجب عليه حد القذف بل يجب عليها حد الزنا وهو الرجم؛ لأنها كانت محصنة فذهب إليها أنيس فاعترفت بالزنا فأمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - برجمها فرجمت، ولابد من هذا التأويل؛ لأن ظاهره أنه بعث لإقامة حد الزنا، وهذا غير مراد؛ لأن حد الزنا لايحتاج له بالتجسس والتفتيش عنه بل لو أقر به الزاني استحب أن يلقن الرجوع) (٢) .

ويُمكن الجواب بأن هذا تأويل متكلف، ذلك أن والد العسيف قد سأل وأخبره الناس بأن على ابنه الرجم وأخبره أهل العلم إنَّما على ابنه جلد مائة وتغريب عام وأنّ على امرأة هذا الرجم فأقسم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليقضين بينهما بكتاب الله ثم قال: ((واغد يا أنيس ... )) الحديث.

وكان زوج المرأة حاضراً ... فالظاهر من هذا أن المرأة كانت معترفة من قبل بدليل أن والد العسيف لما أخبر أن على ابنه الرجم افتدى منه بمائة شاة ووليدة، ويظهر أنهم قد أخذوها بدليل قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((الوليدة والغنم رد)) .

قال النووي: (أي مردودة ومعناه يجب ردّها إليك) (٣) .


(١) هو: الحافظ محيي الدين، أبو زكريا، يحيى بن شرف النووي، فقيه شافعي، ولد بنوى في المحرم سنة ٦٣١ هـ، له مصنفات منها: المجموع شرح المهذب لم يتمه، وروضة الطالبين في الفقه وغيرهما، توفي سنة ٦٧٦ هـ. انظر: طبقات الشافعية الكبرى ٥ /١٦٥، والبداية والنهاية ١٣/٢٧٨، والأعلام ٨/١٤٩.
(٢) شرح النووي على صحيح مسلم ١١/٢٠٧، وانظر: نيل الأوطار ٤/٦٣٠.
(٣) شرح النووي على صحيح مسلم ١١/٢٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>