للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولاً: أن الوكيل بمنزلة البدل عن الأصل، ولا مدخل للأبدال في باب القصاص؛ ولهذا لاتجوز فيه الشهادة على الشهادة، ولا كتاب القاضي إلى القاضي، ولا شهادة النساء، ولا من الأخرس؛ لأن إشارته بدل عن العبارة (١) .

ثانياً: ولأن المقصود من الإثبات الاستيفاء، فإذا لم يصح التوكيل بالاستيفاء مع غياب الموكل لم يصح بالإثبات (٢) .

القول الثاني: يصح التوكيل بإثبات القصاص، وهو قول أبي حنيفة والجمهور من الحنفية غير أبي يوسف (٣) وهو قول المالكية (٤) والشافعية (٥) والحنابلة (٦) .

واستدلوا بما يلي:

١ - بأن التوكيل تناول ما ليس بحد ولا قصاص، ولايضاف الوجوب فيهما إلى الخصومة فيصح التوكيل فيهما كما في سائر الحقوق، وهذا لأن وجوب الحد مضاف إلى الجناية، وظهوره مضاف إلى الشهادة، والخصومة شرط محض، لا أثر لها في الوجوب، ولا في الظهور، إذ الحكم لايضاف إلى الشرط (٧) .

٢ - أن القصاص من حقوق الآدميين فيجوز التوكيل فيه كسائر الحقوق (٨) .

والراجح في نظري هو قول الجمهور القاضي بصحة التوكيل بإثبات القصاص، وذلك لأن ما احتج به أبو يوسف من أن الوكيل بمنزلة البدل عن الأصل ولا مدخل للأبدال في باب القصاص، بدليل أنه لاتجوز فيه الشهادة على الشهادة ... إلخ يُمكن أن يجاب عنه بأن القصاص لم تقبل فيه الشهادة على الشهادة ولم يثبت بكتاب القاضي إلى القاضي لمكان الاحتياط في الدماء، فلذا لم يثبت بهذه الأمور والوكالة لايثبت بها القصاص وإنَّما يراد بها المطالبة وإقامة البينة فافترقا.


(١) تبيين الحقائق ٤/٢٥٥ وما بعدها، وفتح القدير ٧/٤٦٨، والمبسوط ١٩/٩.
(٢) المرجعان السابقان.
(٣) المرجعان السابقان، وفتاوى قاضيخان مع الفتاوى الهندية ٣/١١.
(٤) الذخيرة للقرافي ٨/٦.
(٥) الحاوي ٦/٥١٦.
(٦) المغني ٧/١٩٩.
(٧) تبيين الحقائق ٤/٢٥٥ وما بعدها، وفتح القدير ٧/٤٦٨.
(٨) المغني ٧/١٩٩، والحاوي ٦/٥١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>