للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا الدليل الثاني لأبي يوسف وهو القياس على الاستيفاء في حال غياب الموكِّل فهو قياس على مختلف فيه فلايصح (١) ، والصحيح جوازه وشبهة العفو لاتمنع منه، والله أعلم.

المسألة الثانية: التوكيل باستيفاء القصاص:

اختلف العلماء - رَحِمَهُمُ اللهُ - في حكم التوكيل في استيفاء القصاص على ثلاثة أقوال:

القول الأول: لايصح التوكيل في استيفاء القصاص إلاَّ بحضور الموكِّل، ولايصح مع غيبته، وهذا قول الحنفية (٢) ، وقول عند الشافعية (٣) .

واستدلوا بما يلي:

أولاً: أن القصاص يندرئ بالشبهة، فلايستوفى بمن يقوم مقام الغير كالحدود، ولهذا لايستوفي بكتاب القاضي إلى القاضي، ولا بشهادة النساء مع الرجال.

وتوضيح ذلك: أنه لو استوفى في حال غياب الموكِّل كان استيفاء مع تمكن شبهة العفو لجواز أن يكون الموكِّل عفا والوكيل لم يعلم بعفوه، بل العفو هو الظاهر للندب الشرعي إليه بقول الله عزّوجل: (وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ((٤) .

فإذا كان الموكِّل حاضراً يجوز للوكيل أن يستوفي؛ لأنه لاتتمكن فيه شبهة العفو (٥) .

ونوقش: بأن القصاص يستوفى مع غياب الشهود مع احتمال رجوعهم (٦) .


(١) انظر: روضة الناظر وشرحها نزهة الخاطر ٢/٣٠٣ وما بعدها، وسيأتي توضيح الخلاف في حكم الاستيفاء في حال غياب الموكل في المسألة التي تلي هذه، وقد أجازه المالكية والشافعية في أصح القولين والحنابلة في قول. انظر: ص ٣١ من هذا البحث.
(٢) المبسوط ١٩/٩، وبدائع الصنائع ٦/٢١، وتبيين الحقائق ٤/٢٥٥.
(٣) الحاوي ٦/٥١٧، والعزيز شرح الوجيز ٥/٢١٠.
(٤) من الآية ٢٣٧ البقرة.
(٥) المبسوط ١٩/٩، وفتح القدير ٧/٤٦٧، وتبيين الحقائق ٤/٢٥٥.
(٦) فتح القدير ٧/٤٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>