للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأُجيب: بأن الشبهة في غياب الشاهد هي الرجوع فقط أي رجوع الشاهد عن شهادته فيسقط القصاص، وليس هذا قريباً في الظاهر، ولا الغالب؛ لأن الأصل الصدق خصوصاً مع العدالة (١) .

ونوقش الدليل أيضاً: بأن احتمال العفو بعيد، والظاهر أنه لو عفا لبعث بعفوه وأعلم به وكيله، والأصل عدمه (٢) .

الدليل الثاني: أن الموكِّل يحتاج إلى التوكيل لعدم معرفته بالاستيفاء، أو لأن قلبه لايحتمل ذلك، ولو منع لانسد باب الاستيفاء أصلاً، فجاز الاسيتفاء بحضرة الموكِّل استحساناً (٣) .

ونوقش: بأن هذا المعنى موجود أيضاً مع غيبة الموكِّل فيلزمكم إجازته في غيبته أيضاً.

وأُجيب: بأن شبهة العفو مع غياب الموكِّل قائمة بخلاف حضوره فلاتتمكن فيه شبهة العفو (٤) .

القول الثاني: يصح التوكيل باستيفاء القصاص مطلقاً، أي في حال حضور الموكِّل وغيبته، وهو قول المالكية (٥) ، وأصح القولين عند الشافعية (٦) وقول الحنابلة (٧) .

واستدلوا بما يلي:

أولاً: أن القصاص من حقوق الآدميين فجاز التوكيل فيه مع الحضور، ومع الغيبة.

ونوقش: بأنه عقوبة تندرئ بالشبهة ففارق سائر الحقوق.

ويجاب عنه: بأن كونه يندرى بالشبهة لايمنع من صحة التوكيل ويكون الوكيل قائماً في ذلك مقام الأصل.

ثانياً: أن الحاجة تدعو إلى التوكيل؛ لأن من له حق قد لايحسن الاستيفاء، أو لايحب أن يتولاه بنفسه (٨) .

ثالثاً: القياس على استيفاء القصاص مع غيبة الشهود فإن احتمال رجوعهم قائم، ومع ذلك يستوفى.


(١) المرجع السابق ٧/٤٦٧، والعناية معه ٧/٤٦٩، وبدائع الصنائع ٦/٢١.
(٢) المغني ٧/٢٠٣.
(٣) تبيين الحقائق ٤/٢٥٥، والهداية مع فتح القدير ٧/٤٦٨ وما بعدها، وبدائع الصنائع ٦/٢١.
(٤) تبيين الحقائق ٤/٢٥٥.
(٥) الذخيرة ٨/٦.
(٦) الحاوي للماوردي ٦/٥١٧، والعزيز شرح الوجيز ٥/٢١٠.
(٧) المغني ٧/١٩٩.
(٨) المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>