للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - ما روي عن عبد الله بن جعفر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - أن علياً - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - كان لايحضر الخصومة، وكان يقول إن لهما قحماً يحضرها الشيطان، فجعل الخصومة إلى عقيل - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - فلما كبر ورَقَّ حولها إلي، وكان علي يقول: ما قضي لوكيلي فلي وما قضي على وكيلي فعلي (١) .

قال الكاساني: (ومعلوم أن سيدنا علياً - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - لم يكن ممن لايرضى أحد بتوكيله، فكان توكيله برضا الخصم، فدل على الجواز برضا الخصم) (٢) .

وأمَّا إن كان التوكيل بغير رضا الخصم فقد اختلف الفقهاء - رَحِمَهُمُ اللهُ - في ذلك على ثلاثة أقوال:

القول الأول: لايجوز التوكيل من موكل حاضر إلاَّ برضا الخصم ولايجوز التوكيل بغير رضاه إلاَّ من عذر المرض والسفر مسيرة ثلاثة أيام فصاعداً، ونحو ذلك من الأعذار (٣) ، وهذا قول الإمام أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللهُ (٤) - والرجال، والنساء، والثيب، والبكر في ذلك سواء في قول أبي حنيفة (٥) .

واستدلوا بما يلي:

١ - أن الحق هو الدعوى الصادقة والإنكار الصادق، ودعوى المدعي خبر يحتمل الصدق والكذب، والسهو، والغلط، وكذا إنكار المدعى عليه فلايزداد الاحتمال في خبره بمعارضة خبر المدعي فلم يكن كل ذلك حقاً فكان الأصل أن لايلزم به جواب إلاَّ أن الشرع ألزم الجواب لضرورة فصل الخصومات وقطع المنازعات المؤدّية إلى الفساد وإحياء الحقوق الميتة، وحق الضرورة يصير مقتضياً بجواب الموكل فلاتلزم الخصومة عن جواب الوكيل من غير ضرورة.


(١) الهداية مع شرح فتح القدير ٧/٤٧٠. والأثر قد سبق تخريجه هامش [٤٨] .
(٢) بدائع الصنائع ٦/٢٢.
(٣) سيأتي ذكر هذه الأعذار جملة قريباً إن شاء الله.
(٤) بدائع الصنائع ٦/٢٢، وأدب القاضي للخصاف وشرحه لأبي بكر الرازي ٣٢٤.
(٥) المبسوط ١٩/٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>