للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - أن الموكّل قصد بهذا التوكيل الإضرار بخصمه فيما هو مستحق عليه فلايملكه إلاَّ برضاه كالحوالة بالدين، وكالعبد المشترك يعتقه أحد الشريكين فتخير الآخر بين الإمضاء والفسخ لدفع الضرر.

ومعنى هذا الكلام: أن الحضور والجواب مستحق عليه بدليل أن القاضي يقطعه عن أشغاله ويحضره ليجيب خصمه، وإنَّما يحضره لإيفاء حق مستحق عليه، والناس يتفاوتون في الخصومة، فبعضهم أشد خصومة من بعض كما دل عليه قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((إنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم يكون ألحن بحجته من الآخر فأقضي له، فمن قضيت له بحق أخيه فإنَّما هي قطعة من نار ... )) (١) .

والظاهر أن الموكل إنَّما يطلب من الوكيل ذلك الأشد الذي لايتأتى منه لو أجاب الخصم بنفسه فهو إذن إنَّما يقصد عادة من التوكيل استخراج الحيل والدعاوى الباطلة ليغلب، وإن لم يكن الحق معه كما أفاده الحديث فإذا كان الوكيل ألحن بحجته بحيث يعجز من يخاصمه عن إحياء حقه فيتضرر به الآخر فيشترط رضا الخصم ليكون لزوم الضرر بالتزامه (٢) .

ونوقش: بأن الخصومة حق للموكل لو أتى به بنفسه كان مقبولاً وصحة التوكيل باعتبار ما هو حق للموكل دون ما ليس بحق له.


(١) سبق تخريجه هامش [٥٥] .
(٢) المبسوط ١٩/٧، وبدائع الصنائع ٦/٢٢، وفتح القدير ٧/٤٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>