للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورُدّ: بأن الإمام أبا حنيفة - رَحِمَهُ اللهُ - بنى على العرف الظاهر هنا وقال: الناس إنَّما يقصدون بهذا التوكيل أن يشتغل الوكيل بالحيل الأباطيل ليدفع حق الخصم عن الموكّل، وأكثر ما في الباب أن يكون توكيله بما هو من خالص حقه، ولكن لما كان يتصل به ضرر بالغير من الوجه الذي ذكر قال لايملك بدون رضاه كمن استأجر دابة لركوب أو ثوباً للبس لايملك أن يؤجره من غيره مع أنه يتصرف في ملكه إذ هو يملك المنفعة، لكن يتصل بهذا التصرف ضرر بملك الغير وهي العين؛ لأن الناس يتفاوتون في الركوب واللبس فكان لابد من رضا صاحب العين (١) .

ونوقش أيضاً: بأن قولهم إن (الحضور والجواب مستحق عليه) إنَّما يكون في جانب المدعى عليه؛ لأنه هو الذي يلزم بالحضور أمَّا المدعي فلايلزم إحضاره، ولايُلْزَم بالجواب إذ لايجبر على الخصومة بخلاف المدعى عليه فإنه يجبر على الجواب.

وأُجيب: بأن هذا يندفع بأن يقال إضافة إلى ما سبق في الاستدلال: إن توقع الضرر اللازم بالمرض والسفر من الموت وآفات التأخير أشد من الضرر اللازم بتفاوت الناس في الخصومة فيتحمل الأدنى دون الأعلى (٢) .

أي أنه إنَّما لم نعتبر الرضا في حال المرض والسفر لكون الضرر الناتج عنهما أشد من الضرر الناتج عن تفاوت الناس في الخصومة، وبهذا يشمل الدليل المدعي والمدعى عليه.

٣ - أن الموكل إذا كان مريضاً أو مسافراً فهو عاجز عن الدعوى وعن الجواب بنفسه فلولم يملك النقل إلى غيره بالتوكيل لضاعت الحقوق وهلكت وهذا لايجوز (٣) .

وأمَّا التقييد بثلاثة أيام فلأن ما دونها في حكم الحاضر (٤) .


(١) المبسوط ١٩/٧ وما بعدها.
(٢) تكملة فتح القدير ٨/١٢.
(٣) بدائع الصنائع ٦/٢٢.
(٤) المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>