للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمراد بالمريض هنا: المريض الذي لايقدر على المشي على قدميه إلى مجلس القاضي مدعياً كان أو مدعى عليه، وإن قدر على الحضور على ظهر دابة أو ظهر إنسان، فإن زاد مرضه بذلك صح توكيله، وإن لم يزد فقيل هو على الخلاف.

لكن قال في البحر: والصحيح لزومه.

وفي بعض كتب الحنفية: أن المريض الذي لايمنعه المرض من الحضور كالصحيح (١) .

ثم بعد هذا اختلف فقهاء الحنفية في تفسير قول الإمام أبي حنيفة؛ لأنه مرة قال: لاتقبل، ومرة قال: لايصح، فلذلك اختلفوا هل رضا الخصم شرط لصحة الوكالة أو شرط للزومها على قولين:

الأول: أنه شرط لزوم الوكالة - أي أن الوكالة بغير رضا الخصم صحيحة لكنها لاتلزم حتى لايلزم الخصم الحضور والجواب لخصومة الوكيل إلاَّ أن يكون الموكل مريضاً مرضاً لايُمكنه الحضور بنفسه مجلس الحكم، أو غائباً مسيرة سفر فحينئذٍ يلزمه.

ولهذا قال صاحب الهداية (ولا خلاف في الجواز إنَّما الخلاف في اللزوم) (٢) .

وقد سبق صاحبُ الهداية إلى هذا التعبير شمس الأئمة كما حكاه في فتح القدير فقال: (التوكيل بالخصومة عنده بغير رضا الخصم صحيح، ولكن للخصم أن يطلب الخصم أن يحضر بنفسه ويجيب) .

وقال في فتح القدير: (ونحو هذا كلام كثير مِمَّا يفيد أنه المراد مِمَّا ذكروه، وسبب ذلك أنه لما لم يعرف لأحد القول بأنه إذا وكل فعلم خصمه فرضي لايكون رضاه كافياً في توجه خصومة الوكيل ولاتسمع حتى يجدد له وكالة أخرى على ما هو مقتضى الظواهر التي ساقها علموا أن المراد بلا تجوز إلاَّ برضاه أنها لاتمضى على الآخر وتلزم عليه إلاَّ أن يرضى) (٣) ، واختار ابن الهمام هذا التفسير في شرحه وصححه في الفتاوى الهندية ونقل تصحيح خزانة المفتين له (٤) .


(١) المرجع السابق، والفتاوى الهندية ٣/٦١٥.
(٢) الهداية مع فتح القدير ٧/٤٧٠ وما بعدها.
(٣) فتح القدير ٧/٤٧٠.
(٤) المرجع السابق، والفتاوى الهندية ٣/٦١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>