للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجهه: أن القاضي إذا لم يعرف اسم الموكِّل ونسبه فيمكن أن يأتي شخص ويتسمى باسم صاحب الحق ونسبه ويوكّل عند القاضي فإذا غاب الموكِّل المسمى باسم غيره حضر الوكيل وأخذ الحق لمن تسمى باسم صاحب الحق، وهذا تزوير يفضي إلى إبطال حقوق الناس، وهذا التزوير، وهذه الحيلة لايقدر عليها إذا كان القاضي يعرف الموكّل اسماً ونسباً (١) .

القول الثاني: أن القاضي يسمع ذلك ويثبت توكيله، وبه قال ابن أبي ليلى (٢) .

وبنى فقهاء الحنابلة المسألة على حكم القاضي بعلمه فعلى القول بأنه يحكم بعلمه، وكان يعرف الموكل باسمه وعينه ونسبه صدقه ومكنه من التصرف؛ لأن معرفته كالبينة ومفهومه أنه لو لم يكن يعرف ذلك لم يصدقه، ولذلك قال في المغني، وإن عرفه بعينه دون اسمه ونسبه لم يقبل قوله حتى تقوم البينة بالوكالة؛ لأنه يريد تثبيت نسبه عنده بقوله فلم يقبل) (٣) اهـ.

فيكون الحنابلة في هذا موافقين لقول الإمام أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللهُ -.

وعلى القول بأنه لايقضي بعلمه لايسمع دعواه حتى تقوم البينة بوكالته (٤) ، فيكون هذا قولاً ثالثاً في المسألة.

وظاهر المذهب أن القاضي لايقضي بعلمه في حد ولا غيره، ولا فيما علمه قبل الولاية ولا بعدها (٥) ، فيكون المعتمد في المذهب على هذا هو القول الثاني أنه لايسمع دعواه حتى تقوم البينة بالوكالة.

والدليل على أنه لايقضي بعلمه ما يلي:


(١) انظر: المرجع السابق.
(٢) أدب القاضي لابن القاص ١/٢٠٧، والحاوي ٦/٥٠٩.
... وابن أبي ليلى هو: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى بن بلال الأنصاري الكوفي، ولد سنة ٧٤ هـ، وكان فقيهاً مجتهداً بالرأي، توفي سنة ١٤٨ هـ. انظر: وفيات الأعيان ٤/١٧٩، والفتح المبين ١/٩٩.
(٣) المغني ٧/٢٦٠.
(٤) المرجع السابق.
(٥) المغني ١٤/٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>