للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذهب الحنفية (١) والمالكية (٢) في المشهور وأحد الوجهين عند الشافعية (٣) والحنابلة (٤) إلى أن له أن يوكل.

ووجهه: أن هذا لفظ عام فيما شاء فيدخل في عمومه التوكيل (٥) .

وأصح الوجهين عند الشافعية: أنه لايكون إذناً في التوكيل؛ لأن قوله: افعل ما شئت ينصرف إلى تصرفه بنفسه.

إلاَّ أن الشافعية استثنوا ما إذا كان الموكَّل فيه لايتأتى للوكيل مباشرته فالظاهر جواز التوكيل في هذه الحالة (٦) .

والذي يظهر لي أن الوجه الثاني عند الشافعية أولى؛ لأن قوله: افعل ما شئت يراد منه الأعمال التي يقوم بها بنفسه، والتوكيل ليس بداخل في ذلك؛ إذ قد يرضى الإنسان بتوكيل شخص ولايرضى بتوكيل غيره.

إلاَّ أن يقال بأن هذا مدفوع باشتراط أن يكون الوكيل الثاني أميناً.

لكن ليست الأمانة وحدها هي المقصود من الوكيل، والله أعلم.

الحالة الثالثة: أن يطلق الوكالة أي لاينهاه عن التوكيل ولايفوض إليه التصرف، فهذا هل له أن يوكل أم لا؟ .

أقول: إن هذا ينبني على صحة عقد الوكالة على هذه الصفة أولاً، ثم بعد ذلك يتقرر هل له التوكيل أم لا؟ .

فذهب المالكية إلى أن الوكالة لاتصح هنا فلابد من التفويض أو التعيين؛ ولهذا قال ابن عرفة: شرط صحتها علم متعلقها خاصاً أو عاماً بلفظ أو قرينة أو عرف خاص أو عام، فلو أتى بلفظ التوكيل مطلقاً كأنت وكيلي أو وكلتك فطريقان:


(١) الهداية وشرحها فتح القدير ٨/١٠٣ وما بعدها، والكتاب للقدوري وشرحه للباب ٢/١٤٤ وما بعدها، وفتاوى قاضيخان ٣/١١.
(٢) الخرشي ٦/٤١١.
(٣) العزيز شرح الوجيز ٥/٢٣٧.
(٤) المغني ٧/٢٠٨.
(٥) المغني ٧/٢٠٨، وشرح فتح القدير ٨/١٠٤ وما بعدها.
(٦) العزيز ٥/٢٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>