للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب- الجمع بحمل النهي على الكراهة: إذا ورد خبران وكان أحدهما ينهى عن فعل شيء، والثاني يجيزه بعينه، فَيُجْمَعُ بينهما بجعل الخبر المجيز دليلاً مانعاً للتحريم؛ لأنه بمقتضاه يمكن تأويل صيغة التحريم في الخبر المحرم من التحريم إلى الكراهة) (١) ومن الأمثلة على ذلك: ما روي عن أبي هريرة (: أن النبي (كان في جنازة، فرأى عمر امرأة فصاح بها، فقال النبي (: {دعها يا عمر، فإن العين دامعة، والنفس مصابة، والعهد قريب} ) (٢) (.

وما روي عن أم عطية رضي الله عنها أنها قالت: (نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا)) (٣) قال النووي: "معناه نهانا رسول الله (عن ذلك نهي كراهة تنزيه لا نهي عزيمة تحريم") (٤) (.

فيعارضهما: ما روي عن علي (إذ قال: خرج رسول الله (، فإذا نسوة جلوس، قال: {ما يجلسكن؟} قلن: ننتظر الجنازة، قال: {هل تغْسلن؟} قلن: لا، قال: {هل تحملن؟} قلن: لا، قال: {هل تدلين فيمن يدلي؟} قلن: لا، قال: {فارجعن مأزورات غير مأجورات} ) (٥) (.

غير أن مالكاً أجاز اتباع النساء للجنائز، وكرهه للشابة، ولعل السبب ما يفضي إليه ذلك من فتنة؛ لأنه حمل حديث النهي ههنا على التنزيه بقرينة حديثي الجواز) (٦) (.


(١) انظر: السرخسي: أصول السرخسي ١/١٩، والغزالي: المستصفى ١/ ٤٣٥، وابن الحاجب: المختصر ٢/٩١، والقرافي: شرح تنقيح الفصول ١٣٩- ١٤١، وابن النجار: شرح الكوكب المنير ٣/ ٥٦- ٦٠.
(٢) أخرجه: ابن ماجه (١٥٨٧) .
(٣) متفق عليه: البخاري (١٢٧٨) ، ومسلم (٣٥/ ٩٣٨) ، وكلاهما بلفظه.
(٤) صحيح مسلم بشرح النووي ٢/٧.
(٥) أخرجه: ابن ماجه (١٥٧٨) .
(٦) انظر: مالك: المدونة ١/٢٠٠، وابن عبد البر: الكافي ١/ ٢٨٣، والنووي: صحيح مسلم بشرحه ٢/٧، والشوكاني: نيل الأوطار ٤/١١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>