للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن النواهي التي تفيد التنزيه لا التحريم عند مالك: ما جاء في الحجامة وإجارة الحجام) (١) (.

المطلب الرابع: الجمع بين الخبرين العامين

إذا كان الخبران على وزان واحد في القوة، وكذا العموم؛ بأن يصدق كل منهما على كل ما يصدق عليه الآخر، وأمكن الجمع بينهما بإنزال كل واحد على حال مغاير لما أنزل عليه الآخر، جمع؛ لأنه أولى من إلغاء أحدهما) (٢) ومن الأمثلة على ذلك: ما روي عن زيد بن خالد الجُهَنِي (، أن رسول الله (قال: {ألا أخبركم بخير الشهداء: الذي يأتي بشهادته قبل أن يُسألها} ) (٣) (.

فيقابله: ما روي عن عمران بن حصين رضي الله عنهما حيث قال: قال النبي (: {خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم} . قال عمران: لا أدري أذكر النبي (بَعْدُ: قرنين أو ثلاثة، قال النبي (: {إن بعدكم قوماً يَخونون ولا يُؤتمنون، ويَشهدون ولا يُستشهدون، ويَنذرون ولا يَفُون، ويظهر فيهم السِّمَنُ} ) (٤) (.

وقد جمع مالك بينهما؛ إذ حمل الأول على المبادر بالشهادة وهو يعلم أن المشهود له عالم بها، فهذا قبيح؛ لعدم الحاجة إلى مبادرته حينئذٍ.

بخلاف من بادر ليخبر صاحبها، وهو لا يعلم بها، أو يخبر ورثته بعد وفاته، أو من يتحدث عنهم بذلك، فهذا حسن؛ لأنه يوصل إلى الحق) (٥) (.

المطلب الخامس: الجمع بين الخبرين الخاصين


(١) انظر: مالك: الموطأ (١٧٧٨- ١٧٨٠) ، وابن رشد: بداية المجتهد ٢/٢٥٢، ٢٥٣، والنووي: صحيح مسلم بشرحه ١٠/٢٣٣، والكحلاني: سبل السلام ٣/٨٠، والشوكاني: نيل الأوطار ٥/٢٨٤- ٢٨٦.
(٢) انظر: المراجع نفسها، نفس المواضع.
(٣) أخرجه: مالك في الموطأ (١٣٩٩) ، ومسلم (١٩/ ١٧١٩) ، وكلاهما بلفظه.
(٤) متفق عليه: البخاري (٢٦٥١) واللفظ له، ومسلم (٢١٤/ ٢٥٣٥) .
(٥) انظر: ابن حجر: الفتح ٥/٣٠٧، والشنقيطي: نشر البنود ٢/ ٢٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>