للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا كان الخبران على استواء واحد في القوة، وكذا خاصين في الدلالة؛ أي: أن كلاً منهما خاص بالنسبة للآخر؛ لعدم تناول أحدهما ما يتناوله الثاني، وأمكن الجمع بينهما بحمل كل واحد على خلاف ما يحمل عليه معارضه، جمع؛ لأنه أولى من إلغاء أحدهما كما سبق) (١) ومن الأمثلة على ذلك: ما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كان النساء يبعثن إليها بالدِّرْجَةِ) (٢) (فيها الكُرْسُفُ) (٣) (فيه الصُّفْرَةُ من دم الحيضة يسألنها عن الصلاة فتقول لهن: لا تعجلن حتى تَرَيْنَ القَصَّة البيضاء)) (٤) (، تريد بذلك الطهر من الحيضة) (٥) (.

فيقابله: ما روي عن أم عطية رضي الله عنها إذ قالت: (كنا لا نعد الكدرة والصفرة شيئا)) (٦) وفي رواية أخرى: (بعد الطهر شيئا)) (٧) (.

وقد رام مالك في إحدى الروايتين عنه الجمع بينهما، إذ ذهب إلى أن خبر عائشة رضي الله عنها في إثر انقطاع الدم، وخبر أم عطية رضي الله عنها هو بعد انقطاعه، أو أن خبر عائشة رضي الله عنها هو في أيام الحيض، وخبر أم عطية رضي الله عنها في غير أيام الحيض) (٨) (.


(١) انظر: المحلي: شرح الورقات ٥٧، والمارديني: الأنجم الزاهرات ١٩٦.
(٢) الدِّرْجَة: جمع دُرْج، وهو كالسَّفَط؛ أي الوعاء الصغير تضع فيه المرأة خِف متاعها وطيبها. انظر: ابن الأثير: النهاية ٢/١١١، وابن منظور: لسان العرب ٢/ ٢٦٩، ٧/٣١٥.
(٣) الكرسف: جمع كرسفة، وهو القطن. انظر: ابن الأثير: النهاية ٤/١٦٣، وابن منظور: لسان العرب ٩/٢٩٧.
(٤) القصة البيضاء: هي أن تخرج القطنة أو الخرقة التي تحتشي بها الحائض كأنها قَصَّةٌ بيضاء لا يخالطها صُفرة ولا كُدْرة. انظر: ابن الأثير: النهاية ١/١٢١، ٤/٧١، وابن منظور: لسان العرب ٧/٧٧.
(٥) أخرجه: مالك في الموطأ (١٢٦) .
(٦) ٤٩) أخرجه: البخاري (٣٢٦) .
(٧) أخرجه: أبو داود (٣٠٧) .
(٨) ابن رشد: بداية المجتهد ١/٦٢ بتصرف يسير، وانظر أيضا: مالك: المدونة ٢/ ٥٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>