للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا جاء عن الرسول (فعلان متباينان فأزيد، لأمر واحد، بأن يفعل أحدهما تارة ويتركه تارة أخرى، أو يفعل نقيضه، وتيسر استخدامها كلها لكونها مباحة، تعين استخدامها، وعلى المكلف فعل أحدها على سبيل التخيير، ومن الأمثلة على ذلك: ما قاله مالك: في المدونة: "قد اختلفت الآثار في التوقيت يريد في الأعداد، وروي أن رسول الله (توضأ مرة مرة ومرتين مرتين وثلاثاً ثلاثاً ومرتين في بعض الأعضاء وثلاثاً في بعضها، وليس الاختلاف في هذا اختلاف تعارض وإنما هو اختلاف تخيير وإعلام بالتوسعة") (١) (.

ومنها: مسح الوضوء بالمنديل) (٢) (.

المبحث الثاني: النسخ بين الأحاديث المتعارضة

إذا كان النسخ بين الأخبار متحققا، فإن مالكاً لا يعمد ألبته إلى دحضه بأي وجه من وجوه الجمع المعتبرة، وإنما امتثالاً وإذعاناً لما كشف عنه الشارع الحكيم، يلجأ مباشرة إلى نسخ أحدهما بالآخر؛ وذلك بأن يحكم أن المتأخر منهما رافع لحكم المتقدم) (٣) (، وأشهر القرائن وأثبتها التي يستدل بها على معرفة ذلك أربعة، وهي: ما يعرف بتصريح الرسول (، أو بتصريح الصحابي، أو بالتاريخ، أو بدلالة الإجماع) (٤) وإليك القول الجملي فيها:


(١) ٢/ ٥٦٤، وانظر أيضا: الموطأ (٣١) ، والبخاري (١٥٧- ١٦٠) ، ومسلم (٣/ ٢٢٦- ١٨/ ٢٣٥) ، وابن رشد: بداية المجتهد ١/ ١٥، والشوكاني: نيل الأوطار ١/ ١٤١، ١٧٢، ١٧٣.
(٢) انظر: مالك: المدونة ١/ ٦٩، ٧٠، والشوكاني: نيل الأوطار ١/ ١٧٥، ١٧٦.
(٣) انظر: ابن الصلاح: علوم الحديث ٢٧٧، وابن الحاجب: المختصر ٢/ ١٨٥، ٣٠٩، ٣١٠، والقرافي: شرح تنقيح الفصول ٤٢١، وابن القيم: اعلام الموقعين ١/ ٣٥، والشاطبي: الموافقات ٣/ ٨١، ٤/ ٨٨، والشنقيطي: نشر البنود ٢/ ٢٧٣، ومحمد منصور: منزلة السنة ٤٣٦- ٤٤٢.
(٤) انظر: الشافعي: الأم ٥/ ٥٩٩، وابن الصلاح: علوم الحديث ٢٧٧، ٢٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>