.. فهذه نبذة يسيرة في موضوعات مهمة ومسائل جليلة في سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام تمثل المنهج الذي ينبغي أن يتبع ويسلك في دراسة السيرة النبوية وتدريسها حتى تؤتى ثمارها, ونحصل على فوائدها, وندرك مقاصدها, ونعتبر بعبرها, ونقتدي بمواقف صاحبها عليه الصلاة والسلام, ونتأسى بأحواله, وذلك أن السيرة النبوية ليست ضربا من التاريخ فحسب إنما هي منهج متميز, وعبر متجددة, وسلوك يقتفى, فالسيرة النبوية متجددة العطاء لأنها سيرة الرسول الأسوة والإمام القدوة الذي لا يصح عمل ولا عبادة إلا باتباعه. وسيرته معيار تقاس إليه جميع السير والمواقف والأحداث, وهي صالحة لكل زمان, متسعة لجميع القدرات البشرية, وقد جمع الله فيه جميع الكمالات البشرية حتى يتمكن من الاقتداء به جميع المسلمين على مختلف أزمانهم وأوطانهم ومواقعهم الإدارية والسياسية والاقتصادية والعلمية والتربوية ... إلخ.
... والسيرة النبوية مادة تربوية وسلوكية ينبغي أن تتلقى, ويتعلمها المتعلمون بهذا الهدف التربوي الذي يؤدي إلى تنمية السلوك البشري وتقويمه وفق الهدي النبوي الثابت في الكتاب والسنة.
ودارس السيرة النبوية بحاجة إلى التعرف على المنهج العلمي الصحيح في دراستها من حيث المصادر؛ ومنهج التلقي وضرورة التأصيل الشرعي لعلومها؛ والالتزام بنصوص الوحي وفهم السلف الصالح أهل السنة والجماعة؛ مع الوعي لقضايا العصر ومستجداته, مع مراعاة السنن الاجتماعية والشرعية والاهتمام بها حتى نجدد في دراسة السيرة وتدريسها ونجعلها من أهم الأسس والدعائم في بناء النهضة والحضارة الإسلامية المعاصرة.
إن المشكلة الواقعة في دراسة السيرة أنها تجري على الطريقة التقليدية في سرد الحوادث وحفظ الوقائع دون التنبه إلى أهميتها التربوية السلوكية؛ وأثرها في تقوية الإيمان وترسيخه؛ وفي بناء الجيل والأمة وفق السنن الشرعية والاجتماعية.