فعلى سبيل المثال أنجز في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة, وجامعة أم القرى بمكة المكرمة, وجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض عدد وفير من الرسائل الجامعية – ماجستير ودكتوراه – التي استوفت دراسة المغازي والسرايا النبوية دراسة توثيقية ونقدية للنصوص والروايات مع الدراسة التحليلية لاستنباط الدروس والأحكام والعبر التربوية.
كما أنجز في مواقع أخرى من الجامعات العربية والإسلامية دراسات في السيرة النبوية لها نصيب وافر من العلم الشرعي والأهداف التربوية, ومثل هذه الدراسات والأبحاث العلمية نحن بحاجة إلى تنميتها ونشرها بين طلاب العلم, بل والعامة من المسلمين ليستفاد منها, فإن السيرة النبوية مصدرٌ مهم في معرفة وسائل الدعوة ومناهجها, وما يقع في بعض الدراسات من نقص أو اجتهادات خاطئة لا ينبغي أن تكون مانعة من الاستفادة منها ما لم يكن صاحب الدراسة متعمداً مخالفة منهج السلف الصالح وراغباً عن طريقتهم.
المسألة الثانية: التأصيل الشرعي لمن يشتغل بعلوم السيرة النبوية
المشتغل بعلوم السيرة النبوية لا بد له من دراسة الشريعة من مصادرها حتى يفهم حقيقة الإسلام, ومنهجه الكامل, وفقه أحكامه, ودراسة منهج الاستدلال عند علماء الشريعة, كما يجب عليه الالتزام بمصطلحاته الشرعية, وفقه لغته التي نزل بها القرآن, والاعتقاد بأنه الدين الحق والمنهج الخالد الذي له الحاكمية والهيمنة على الأديان كلها.
فمن لا يفهم حقيقة الإسلام وشموليته لكافة مناحي الحياة وأنشطتها السياسية والاقتصادية والفكرية والاجتماعية, تكون أغلب تفسيراته وتحليلاته خاطئة ومخالفة لكثير من قواعد الشريعة وأحكامها, والقاعدة المنطقية تقرر أن الحكم على الشىء فرع عن تصوره. فلا بد من تصور حقيقة الإسلام من مصادره تصورا صحيحا وإلا وقع الباحث في خلط وقرر نتائج غير صحيحة.