مثال ذلك: لو احتج بعض الباحثين أنه لا يجوز الدعاء على الكفار, لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما قال له بعض الصحابة رضي الله عنهم ادع الله على ثقيف قال: اللهم اهد ثقيفا (٩) .
واحتج آخر بأنه لا يجوز الدعاء للكفار بل يدعى عليهم, لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: اللهم اشدد وطأتك على مضر, واجعلها عليهم كسني يوسف (١٠) فكيف العمل؟
نقول: إن الحديث الأول ضَعّف بعض أهل العلم إسناده, لكن لمعناه شاهد من حديث أبي هريرة عند مسلم قال: قدم الطفيل وأصحابه فقالوا: يا رسول الله, إن دوسا قد كفرت وأبت. فادع الله عليها. فقيل: هلكت دوس. فقال: اللهم اهد دوسا وائت بهم (١١) وبهذا نلجأ إلى الجمع بين الخبرين, فيقال: إنه يجوز في بعض الأحوال الدعاء للكفار الذين ترجى هدايتهم, ومن لا ترجى هدايته مع كثرة أذاه للمسلمين فيدعى عليه.
٣ معرفة حدود العقل في نقد الأخبار:
المنهج النقدي الذي اتبعه العلماء المسلمون في نقد الأحاديث والأخبار النبوية يتناول نقد السند ونقد المتن, فلم يكتفوا بالنقد الخارجي للنص (نقد السند) وإنما نظروا إلى داخل النص, وقرروا ضوابط في نقد المتون منها:
عرض الحديث على القرآن, وعرض نصوص السنة بعضها على بعض, وعرض روايات الحديث الواحد بعضها على بعض حتى تتبين الألفاظ الشاذة والمنكرة والإدراج والوهم.