أولا: بيان أن فيها إثما كبيرا كما قال تعالى: (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ((١٤) ثم في مرحلة ثانية جاء النهي عن شربها قرب أوقات الصلوات, كما قال تعالى:(يا أيها الذين ءامنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون.... ((١٥) . وفي المرحلة الثالثة: جاء الأمر بتحريمها نهائيا وفي كل وقت, كما قال تعالى:(يا أيها الذين ءامنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ((١٦) وهذا هو الحكم الثابت والمستقر, وهو تحريم الخمر وأنها من الكبائر وأم الخبائث. ... ومن الأمثلة التي قد يطرحها البعض ويجادل فيها: مسألة تغيير المنكر باليد, وأن النبي صلى الله عليه وسلم في العهد المكي لم يغير المنكر باليد, ولم يكسر شيئا من أصنام المشركين في مكة, وحيث أن الدعوة قد يأتي عليها زمان وحالة من الضعف تشبه الحالة المكية ولهذا فإنه يترك تغيير المنكر بحجة مشابهة الحال للحال.
نقول: إن هذا الاستدلال غير صحيح ومعارض لنصوص شرعية, مثل قوله صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده, فإن لم يستطع فبلسانه, فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان (١٧) . فتغيير المنكر كما نص عليه الحديث هو بحسب القدرة والتمكن من التغيير, ونص أهل العلم على ضابط في ذلك وهو أن لا يترتب على تغيير المنكر المعين منكراً أعظم منه (١٨) , فليست العلة في ترك تغيير المنكر لأجل النظر إلى المرحلية ودعوى مشابهة الحال بالعهد المكي, ولكنها عدم التمكن, ومن تمكن من تغيير المنكر بضابطه الذي ذكره أهل العلم فالواجب عليه القيام بذلك.