للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا نزال نسمع مثل هذه الصيغة من الإجابة في لهجاتنا، فعند إجابة من ينادي نقول: "ها" أو "أيوه". وقد تستخدم "ها" في الاستفهام وعند طلب التعيين، فيقول الشخص السامع أأنت فعلت هذا؟ ها؟ وكأنه أضاف "ها" حثاً على الإجابة إلى جانب ما قد تحمله من معنى الوعيد.

هكذا ندرك أن صوت الهاء أكثر الأصوات استخداماً في هذه الصيحات الانفعالية، من أجل التعبير عن حاجة نفسية معينة. ولعل السبب في كثرة استخدامه هذه أنه أسهل الأصوات نطقاً وأقلها حاجة إلى جهد أعضاء النطق. على أن هذا لاينفي ورود شواهد كثيرة استعملت فيها مثل هذه الصيحات المشتملة على صوت الهاء بصورة عفوية دالة على الألم أو الحزن أو الغضب أو غير ذلك. فمن ذلك ما روي عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قوله "أوْهِ عَيْنُ الرَّبا ... وقد تفتح الواو مع التشديد كقوله عليه الصلاة والسلام "أَوَّهِ لفِراخِ مُحَمَّدٍ من خَليفةٍ يُسْتَخْلَفُ (١٤٦) ". ومثل ذلك ما قاله حنظلة الكاتب: " كّنا غزاة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فرأى امرأةً مَقْتولَةً فقال: هَاهْ ما كانَتْ هذه تُقاتِلُ. الحقْ خالداً فَقُلْ له لا تَقْتُلَنَّ ذريةً ولا عسيفاً (١٤٧) ".

هذه الصيحات الانفعالية موجودة في اللغة العربية، ومنها ما يخلو من الهاء مثل أُف، أخ، أح، ومنها ما يوجد فيها، مثل: ها، وهيا، وهَيّا، وهلاّ، وهيت، وهيهات، وهلم وهاه وإيه وواه، وواهاً وآه، ومه، وصه، وغيرها من الألفاظ التي أطلق عليها اسم أصوات الأفعال.

<<  <  ج: ص:  >  >>