وربما كان أصل هذه الأصوات الانفعالية صوت الهاء ثم أضيف إليه صوت أو أكثر قبله أو بعده. وأغلب ما أضيف إليه من أصوات المدّ وثبت على هذه الحالة التي نراها. ويرى بعض الباحثين أن هذه الأصوات ليست من اللغة، بل هي أصوات لاعلاقة لها بصيغ أخرى مشتقة منها أوهي مشتقة منها (١٤٨) . وقد أشار سليم النعمي إلى هذا بقوله:"هيهات ليست مصدراً وليست ظرفاً وليست مفردة وليست جمعاً، بل هي صوت انفعالي يقوله العربي حين يستبعد شيئاً أو أمراً (١٤٩) . وهَلُمَّ مكونة من صوت الهاء أضيف إليه "لُمّ" (١٥٠) فعل الأمر بمعنى تعال أو مُرَّ. ويرى الخليل أنها تتركب من هاء التنييه و "لمّ" من قولهم: لَمّ الله شعثه أي: جمعه (١٥١) .
هاء التنبيه:
إضافة إلى المعاني السابقة التي تأتي الهاء لها، أنها تستخدم للتنبيه من أجل افتتاح الكلام، ولابد من تفخيم الألف معها في هذا المقام حتى تميزها عن غيرها من الهاءات، "الهاء بفخامة الألف تنبيه وبإمالة الألف حرف هجاء، وهي تنبيه تفتتح العرب بها الكلام بلا معنى سوى الافتتاح تقول: هذا أخوك، ها إنَّ ذا أَخُوكَ" (١٥٢) .
وهي تفيد تنبيه المخاطب على ما بعدها من الأسماء المبهمة، قال ابن بعيش: "إعلم أن هذه الحروف معناها تنبيه المخاطب على ما تحدثه به، فإذا قلت: هذا عبد الله منطلقاً، فالتقدير انظر إليه منطلقاً، أو انتبه إليه منطلقاً، فأنت تنبه المخاطب لعبد الله في حال انطلاقه، فلا بد من ذكر منطلقاً لأن الفائدة به تنعقد، ولم ترد أن تعرفه إياه وهو يقدر أن يجهله" (١٥٣) فا لهاء إذاً تكون للتنبيه وفق شروط معينة، وفي إطار تحقيق الفائدة، فإن انعدمت هذه القرائن فإن الهاء لا تفيد التنبيه، وتكون صوتاً عادياً لا دلالة فيه على التنبيه كغيره من أصوات اللغة.