وبما أن قائد الجيش كان بحاجة إلى الماء العذب لإرواء جيشه، فكان مصدره الصهاريج؛ لأن مياه العين لو كانت متوافرة لعمد إليها بدلا من تنجيل (نزح) مياه الصهاريج التي قد يكون في قاعها بعض الشوائب علاوة على أنها راكدة.
محاولة إيصال مياه عين حَدَّة إلى جدة:
انفردت وثيقة مؤرخة بشهر رجب عام ٩٨١هـ (٢٥) /١٥٧٣م، بمعلومات لم نجد لها ذكرا فيما أورده المؤرخون، وأهم ماجاء فيها أن السلطان سليمان القانوني (ت٩٧٤هـ/١٥٦٦م) أمر بتشكيل لجنة مكونة من أحمد بيك والي جدة (٢٦) ، وقاضي مكة وشيخ الحرم القاضي حسين (٢٧) والمعمار كرم مصطفى وثلاثون شخصاً من أهل الخبرة والرأي، لدراسة إمكانية إيصال مياه عين قرية حدة إلى جدة، وتقدير طول الطريق الذي ستبنى فيه قناة الماء؛ فتوصلت اللجنة إلى مايلي:
قدرت المسافة بين حده وجدة ب ٧٩٩١٠ ذراعا بذراع البناء (حوالي ٣٩٩٥٥م) ، منها ٢٥٠٠ ذراع (حوالي ١٢٥٠م) منطقة صخرية، يلزم تكسيرها بعمق ١٥ ذراعا (حوالي ٥, ٧ م) حتى يمكن الوصول إلى مستوى ميزان الماء.
يوجد تلال جبلية كثيرة في طريق مد القناة مما يعوق بناءها.
تتصف صحراء جدة بملوحتها؛ مما يحتمل معه ضياع المياه في رمالها.
وبعد عرض الأمر على السلطان سليم بن سليمان القانوني، ذكر أن والده أوصى بإيصال مياه عين حدة إلى جدة - بمشيئة الله - وأن فيما أوردته اللجنة يدل على وجود موانع كثيرة في سبيل تحقيق الوصية باستثناء المنطقة الصحراوية في جدة.
وبناءً على ذلك أصدر أمره بالعدول عن تنفيذ المشروع واستبدل به إنشاء صهاريج في أماكن مناسبة، وأمر اللجنة السابقة بتحديد أماكن بناء الصهاريج وأبعادها، وتقدير مصاريف بنائها، لتعرض عليه فيما بعد.