وتقع الهاء كذلك مع "أي" في أسلوب النداء، في نداء المعرف بال، نحو: يا أيها الرجل، وقد اختلف العلماء في هذه الهاء، فمنهم من يقول إنها حرف تنبيه وأكثر استعمالها مع ضمير رفع متصل (١٥٦) . ومنهم من يعتبرها صلة للتأييه أي التصويت، وبيان ذلك قولهم: يا أَيْتُها المرأةُ. ولو لم تكن الهاء صلة ما حسن أن يجيء قبلها تاء التأنيث (١٥٧) . كما أنها تقع في باب القسم مع اسم الله خاصة، فتنوب عن حرف القسم، ويقسم بها بدلاً منه، فيقال: لا هااللهِ ما فعلت، أَيْ لا واللهِ ما فعلت، أبدلت الهاء من الواو، وقولهم: لا ها اللهِ ذا، بغير ألفٍ، أَصْلُهُ لا واللهِ هذا ما أُقْسِمُ بِهْ، ففَرقْتَ بين ها وذا، وجَعَلْتَ اسمَ اللهِ بينهما، وجررته بحرفِ التنبيه، والتقدير: لا واللهِ ما فَعَلّْتُ هذا، فحُذِفَ واخْتُصِرَ لكثرة استعمالهم هذا في كلامهم، وقُدِّمَ ها كما قُدِّمَ في قولهم ها هو ذا، وهأنذا. قال زهير:
كل تلك المواقع التي تقعها الهاء قياسية مطردة، وهي وجوه منضبطة، كما أشار إلى ذلك المالقي. وهاء هذه التي يراد بها التنبيه لا تدخل على الإشارة فحسب، بل تقع في وجوه متفرقة فتدخل على الضمير ويكون هذا الضمير فاصلاً بينها وبين اسم الإشارة كقولنا: ها أنتم أؤلاء، وها أنتم هؤلاء، ونقول: ها أنا ذا أفعل. كما أنها قد تستعمل مفردة فيقال: ها بمعنى تنبه (١٥٩) ولا تزال هذه الصيغة تستخدم في لهجاتنا المعاصرة لنفس الغرض. كما أنها قد تدخل على "إن" كما في قول النابغة:
ها إن تا عِذْرَةٌ إنْ لَمْ تَكُنْ نَفَعَتْ
فإنَّ صاحِبَها قَدْ تاهَ في البَلَدِ
قال ابن يعيش: الشاهد فيه إدخال ها التي للتنبيه على إن (١٦٠) .