يقول أبو عمر الطَّلَمَنْكِيِّ: دخلتُ مُرسيَّة، فتشبَّث بي أهلها ليسمعوا عليَّ (غريب المصنَّف) لأبي عمرو الشَّيباني (١) ، فقلت لهم: انظروا مَنْ يقرأ لكم، وأمسكُ أنا كتابي، فأتوني برجلٍ أعمى يُعرف بابن سِيْدَه، فقرأه عليَّ من أوَّله إلى آخره ما أخلَّ فيه بلفظة، فعجبت من حفظه.
وحسبنا معرفةً بابن سِيْدَه وفضلِه أن نعلم أنَّه هو مَن ألَّف المعجم اللُّغوي القيِّم (المخصَّص في اللُّغة) ، وهو أيضًا مؤلِّف المعجم اللُّغوي الآخر (المحكم والمحيط الأعظم) الَّذي " لو حلف الحالف أنَّه لم يُصنَّف مثله لم يحنث “ (٢) ، كما أنَّ له كتابَ (شرح أبيات الجمل للزَّجَّاجي) ، وكتابَ (الأنيق في شرح الحماسة) ، وكتابَ (العويص في شرح إصلاح المنطق) ، وكتابَ (تقريب غريب المصنَّف) ، وكتابَ (الوافي في علم القوافي) ، وكتابَ (شرح مشكل شعر المتنبِّي) .
أمَّا عن وفاته فتكاد تجمع الكب الَّتي ترجمت له على أنَّها كانت سنة (٤٥٨ هـ) ، وقد بلغ من العمر ستين عامًا تقريبًا.