لأنَّ اللَّيلة الَّتي تعدل ست ليالٍ ليست بلُيَيْلَة وإنَّما ليلة، والجبل الَّذي هذه حاله ليس بجُبَيْل وإنَّما هو جبل، ولكنَّهما صُغِّرا تصغير" تعظيم "(١) ، ويعلِّل تصغيرهما هذا التَّصغير بقوله:" ووجه تصغير التَّعظيم؛ أنَّ الشَّيء قد يعظم في نفوسهم حتَّى ينتهي إلى الغاية، فإذا انتهاها عكسوه إلى ضدِّه؛ لعدم الزِّيادة في تلك الغاية، وهذا مشهورٌ من رأي القدماء الفلاسفة الحكماء: أنَّ الشَّيء إذا انتهى انعكس إلى ضدِّه "(٢) ، ولذا يرى موافقًا سيبويه أنَّ الأفعال الَّتي تتعدَّى إلى ثلاثة مفعولين بمنزلة الفعل اللَّازم؛ يقول سيبويه:"لأنَّها لمَّا انتهت صارت بمنزلة ما لا يتعدَّى "(٣) .
فقد أعرب (دهرٌ) فاعلاً لفعلٍٍ مضمر تقديره: وليفخر دهرٌ، وقال:"وحسُن هذا الإضمار؛ لأنَّ قوله: كفى ثُعلاً فخرًا بأنَّك منهم، في قوَّة قوله: لتفخر ثُعلٌ، فحمل الثَّاني على المعنى؛ فكأنَّه قال: لتفخر ثُعلٌ، وليفخر دهرٌ، والحمل على المعنى كثير "(٥) ، ويريد من هذا أنَّ الَّذي سوَّغ حذف الفعل هنا وجود قرينة معنويَّة في الكلام تدلُّ عليه. وحذف الفعل الرَّافع للفاعل مع وجود قرينةٍ لفظيَّة، أو معنويَّة تدلُّ عليه جائزٌ لدى جمهور النُّحاة (٦) .
المسألة الثَّانية: لحوق تاء التَّأنيث الفعلَ للدِّلالة على تأنيث الفاعل
وهذه القضيَّة أشار فيها إلى حالة ما إذا كان الفاعل مذكَّرًا في اللَّفظ مؤنَّثًا في المعنى؛ نحو:(أتمُّ الطَّير) في قول المتنبِّي: