فقد عدَّ (أيًّا) اسم استفهام منصوبًا (١) ، وقال:" (أيَّها) منصوب ب (ركب) ولا يكون ب (تحسدُ) ؛ لأنَّ الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله إلاَّ أن يكون حرفَ جرٍّ "(٢) ، ووجوب تقدُّم المفعول به على فعله إذا كان اسمَ استفهام قد صرَّح به جماعةٌ من النُّحاة (٣) ؛ لأنَّهم قد أجمعوا على أنَّ أسماء الاستفهام لا يعمل فيها ما قبلها (٤) إلاَّ أن يكون حرفَ جرٍّ.
المسألة الثَّانية: تعدية الفعل الَّذي ينصب مفعولين ليس أصلهما مبتدأ وخبرًا إلى أحد مفعوليه بحرف جرٍّ جائز الحذف
فقد بادر بقوله:" أي: من الأملاكِ، فحذف وأوصل الفعل "(٦) ،وإنَّما قال هذا لأنَّ الفعل (اختار) هو واحدٌ من تلك الأفعال الَّتي سُمع فيها تعدِّيها إلى أحد مفعوليها بحرف جرٍّ جائز الحذف؛ وهي: اختار، وأمر، واستغفر، ودعا بمعنى سمَّى، وكنَّى، وصدق، وزوَّج، وحدَّث، ونبَّأ، وأنبأ، وخبَّر، وأخبر، وعلى الرَّغم من كثرتها إلاَّ أنَّ رأي الجمهور فيها أنَّها تُحفظ ولا يُقاس عليها (٧) ، وابن سِيْدَه لم يُخالف رأيَ الجمهور؛ وإنَّما عقَّب في نهاية المسألة بقوله:" ومثله [أي: اختار] كثير، إلاَّ أنَّه مسموعٌ لا يُقاس عليه "(٨) ، وتعدية هذه الأفعال إلى أحد مفعوليها بحرف جرٍّ هي الأصل، والدَّليل على ذلك كثرته، و " ما كثُر في كلام العرب وفشا ينبغي ألاَّ يُدَّعى أنَّه ثانٍ "(٩) ، ولكن سُمِع حذف حرف الجرِّ معها؛ كما في بيت المتنبِّي السَّابق، وكما في قول الله تعالى: