للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالفعلان (يسأل، ويخبر) يتنازعان كلمة (الحديد) ؛ فكلُّ واحدٍ منهما يطلبه معمولاً له، ولكن يختلف طلبُ كلِّ واحدٍ منهما له؛ فالفعل (يسأل) يطلبه مفعولاً به، والفعل (يخبر) يطلبه فاعلاً، ويرى ابن سِيْدَه موافقًا مذهب البصريين في المسألة أنَّ العمل للثَّاني؛ أي للفعل (يخبر) ، بدليل مجيء كلمة (الحديدُ) بالرَّفع، ويقول: " وهذا كقولك ضربتُ وضربني زيدٌ، أي: ضربتُ زيدًا وضربني زيدٌ، فحذف الأوَّل؛ لدلالة الثَّاني عليه " (١) .

أمَّا الصُّورة الأخرى للتَّنازع؛ وهي الَّتي يتفق فيها مطلبُ العاملين، فقد جاءت في قول المتنبِّي:

طَوَى الجَزِيرَةَ حتَّى جَاءَنِي خَبَرٌ فَزِعتُ فيهِ بِآمَالِي إلى الكَذِبِ (٢)

فالفعلان (طوى، وجاء) متنازعان على كلمة (خَبَرٌ) ، وكلُُّ واحدٍ منهما يطلبه فاعلاً له، ويصرِّح ابن سِيْدَه بأنَّه آخذٌ برأي البصريين؛ فيقول: " و (خَبَرٌ) مرفوع على مذهب البصريين ب (جاءني) ؛ لأنَّهم إنَّما يُعملون أقربَ الفعلين، ولابدَّ على هذا من إضمار الفاعل في (طوى) على شريطة التَّفسير، وإن كان إضمارًا قبل الذِّكر ... وأمَّا على مذهب الكوفيين، فيرفع (خَبَرٌ) على أنَّه فاعلٌ ب (طوى) ؛ لأنَّهم يُعملون أسبقَ الفعلين، فلا بدَّ على هذا من الإضمار في (جاءني) ؛ أي: طوى الجزيرةَ خبرٌ حتَّى جاءني، والقول الأوَّل عندي أحسن في هذا البيت؛ لأنَّ النَّكرة الَّتي هي (خَبَرٌ) على ذلك القول موصوفة بالجملة الَّتي هي (فزعت فيه بآمالي) إلاَّ أنَّ فيه ما قد أريتك من الإضمار في الأوَّل على شريطة التَّفسير، وعلى هذا القول الثَّاني ليس للنَّكرة وصف " (٣) .

من باب المفعول فيه

المسألة الأولى: العامل في الظَّرف

وقد أشار إليه عَرَضًا أثناء توضيحه لِمَا أراده المتنبِّي من كلمة (الفتى) في قوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>