للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا فَضلَ فِيهَا لِلشَّجَاعةِ والنَّدَى وصَبرِ الفَتَى لَولا لِقَاءُ شَعُوبِ (١)

فقد نصَّ ابن سِيْدَه على أنَّه أراد بها الجَلِد الصَّابر، ولم يَعنِ بها ذا السِّنِّ، وحتَّى يؤكِّد ذلك المعنى جاء ببيتٍ لمالك بن خالد الخناعي الهذلي، وهو قوله:

فتًى مَا ابنُ الأغَرِّ إذا شَتَوْنَا وحُبَّ الزادُ في شَهرَي قُمَاحِ (٢)

وقال: “ كنَّى بالفتوة عن الكرم؛ كأنَّه قال: ابن الأغرِّ كريم، ولولا ذلك لم يعمل (فتى) في (إذا) ؛ لأنَّ الظُّروف لا تعمل فيها [إلاَّ] (٣) الأفعال، أو ما هو في طريقها، وإذا قلت: زيدٌ فتى، تعني به السِّن، فليس فيه معنى الفعل “ (٤) ، وواضحٌ من قوله أنَّه يرى أنَّ الظُّروف لا يعمل فيها إلاَّ الفعل، أو ما هو في قوَّة الفعل، وهذا هو رأي الجمهور (٥) .

المسألة الثَّانية: إعراب كلمة (بدل) ظرف مكان

وقد أعربها هذا الإعراب عند شرحه لقول المتنبِّي:

عَذِيرِي مِنْ عَذَارَى مِنْ أُمُورٍ سَكَنَّ جَوَانِحِي بَدَلَ الخُدُورِ (٦)

فأعرب (بدل) ظرف مكان؛ لأنَّها بمعنى: مكان الخدور (٧) ، وقاسه على ما حكاه سيبويه من قولهم: إنَّ بدلك زيدًا، أي: إنَّ مكانك (٨) ، وعلى قولِهم للرَّجل: اذهب معك بفلان، فيقول: معي رجلٌ بدلَ فلان؛ أي: يغني غَناءه، ويكون في مكانه (٩) .

من باب المفعول معه

مسألة: الحالة الَّتي يترجَّح فيها نصب الاسم على رفعه

وهي الَّتي يكون المعطوف عليه ضميرَ رفعٍ متصل، لم يُفصل بينه وبين الاسم المقترن بالواو بأيِّ فاصل؛ فإنَّه في هذه الحالة يترجَّح نصب الاسم الواقع بعد الواو على رفعه؛ ولذا عدَّ ابن سِيْدَه رفعَ (وصلُه) و (صدُّه) في قول المتنبِّي:

يُبَاعِدْنَ حِبًّا يَجتَمِعْنَ وَوصْلُهُ فَكَيْفَ بِحِبٍّ يَجتَمِعْنَ وَصَدُّهُ (١٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>