فقد أعربوا جملة (حصرت صدورُهم) في محلِّ نصب حال (١) ، أمَّا البصريون فقد منعوا وقوع الفعل الماضي حالاً إلاَّ أن تكون معه (قد) ظاهرةً أو مقدَّرة (٢) ؛ لأنَّ الحال وصفٌ لهيئة الفاعل والمفعول، والماضي قد انقضى، فلا يكون وصفًا لهيئة الاسم (٣) ، والرَّاجح في المسألة رأي ابن سِيْدَه والكوفيين؛ لأنَّ القياس والسَّماع يؤيِّده، ولأنَّه خالٍ من التَّقدير الَّذي هو ليس بقياس (٤) .
لمسألة الثَّالثة: وجوب اشتمال الجملة الحاليَّة على ضميرٍ يعود على صاحب الحال
حيث قال:" (وقد رحلوا) جملةٌ في موضع الحال؛ أي: في حال رحيلهم عنه، وكأنَّه قال: مرحولاً عنه جِيدٌ هذه صفته، ولابدَّ من تقدير (عنه) إذ لا بدَّ لصاحب الحال من ضميرٍ يعود إليه من الحال "(٦) .
وواضحٌ من قوله (لابدَّ) أنَّه يرى وجوب اشتمال جملة الحال على ضميرٍ يعود على صاحب الحال إمَّا مذكورًا أو مقدَّرًا، والواقع ليس كذلك؛ لأنَّه كما يكون (الضَّمير) رابطًا جملة الحال بصاحبها تكون (الواو) أيضًا رابطةً لهما من دون الضَّمير؛ وذلك كما في قولهم: جاء زيدٌ وعمروٌ جالس، ولذا اعتاد النُّحاة (٧) عند ذكرهم للضَّمير الرَّابط لجملة الحال بصاحبها أن يذكروا الرَّابط الثَّاني وهو (الواو) ، وابن سِيْدَه لو عدَّ (الواو) رابطةً لجملة الحال بصاحبها؛ لأغناه ذلك عن التَّقدير الَّذي هو ليس بأصل.
المسألة الرَّابعة: حكم صاحب الحال
والحكم الغالب فيه أن يكون معرفةً، أو قريبًا من المعرفة (٨) ، ولا يكون نكرةً إلاَّ بمسوِّغات ليس منها تنكير (قوم)(٩) في قول المتنبِّي: