ولذا حاول ابن سِيْدَه أن يبحث لها عن مسوِّغٍ، فلم يجد إلاَّ معنى العموم الَّذي دلَّت عليه، فقال: " (وقد قدروا) جملة في موضع الحال، وجاز أن تكون حالاً من (قوم) وإن كان نكرة؛ لأنَّ فيه معنى العموم، ولولا هذه الواو لكان أولى من ذلك أن تكون الجملة في موضع الصِّفة للنَّكرة " (١)
والنُّحاة إنَّما اشترطوا في صاحب الحال التَّعريف، وأن لا يكون نكرةً إلاَّ بمسوِّغ؛ لأنَّ للحال شبهًا بالخبر، ولصاحبها شبهٌ بالمبتدأ في كونه محكومًا عليه، والحكم على الشَّيء لا يكون إلاَّ بعد معرفته (٢) ، ثُمَّ إنَّه بتنكيرها، وتعريف صاحبها يتحقَّق الفرق بينها وبين الصِّفة (٣) .
من باب حروف الجرِّ:
المسألة الأولى: معاني بعض حروف الجرِّ
فقد ذكر ابن سِيْدَه بعضًا من معاني بعضِ حروف الجرِّ؛ فذكر ل (اللاَّم) معنيين:
أحدهما: الاستحقاق (٤) ؛ وذلك عند شرحه لقول المتنبِّي:
دَارُ المُلمِّ لهَا طَيفٌ تَهدَّدَنِي لَيْلاً فَمَا صَدَقَتْ عَينِي ولاَ كَذَبَا (٥)
ف (اللاَّم) في (لها) للاستحقاق، وهذا من أهمِّ معانيها (٦) .
والآخر: معنى (إلى) (٧) ؛ وذلك عند شرحه لقول المتنبِّي:
وَلَهُ وَإنْ وَهَبَ المُلُوكُ مَواهِبٌ دَرُّ المُلُوكِ لِدَرِّهَا أَغبَارُ (٨)
ف (اللاَّم) في (لدرِّها) بمعنى (إلى) أي: درُّها بالإضافة إلى درِّها، ومجيء (اللاَّم) بمعنى (إلى) قد صرَّح به جماعةٌ من النُّحاة (٩) .
وذكر ل (مِنْ) أربعة معانٍ:
أحدها: التَّبعيض (١٠) ؛ وذلك عند شرحه لقول المتنبِّي:
تَخلُو الدِّيَارُ منَ الظِّبَاءِ وَعِندَهُ منْ كُلِّ تَابِعَةٍ خَيَالٌ خَاذِلُ (١١)
ف (مِنْ) في الموضعين من البيت للتَّبعيض، والتَّبعيض من أشهر معاني (مِنْ) (١٢) .
الثَّاني: التَّبيين (١٣) ؛ وذلك عند شرحه لقول المتنبِّي: