للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَذِيرِي مِنْ عَذَارَى مِنْ أُمُورٍ سَكَنَّ جَوَانِحِي بَدَلَ الخُدُورِ (١)

ف (مِنْ) في البيت للتَّبيين؛ أي: ليست هؤلاء العذارى من النِّساء، وإنَّما هي مِنْ أمور الدَّهر وخطوبه.

وقد جاءت (مِنْ) للتَّبيين (٢) أيضًا في قول المتنبِّي:

قَلَّدَتْنِي يَمِينُهُ بِحُسَامٍ أَعقَبَتْ مِنهُ واحِدًا أَجدَادُهْ (٣)

أي: إنَّ الهند لم تطبع له نظيرًا يكون له ثانيًا، فقد أعقبت منه واحدًا، والتَّبيين هو أحد معاني (مِنْ) أيضًا المشهورة (٤)

الثَّالث: التَّعليل (٥) ؛ وذلك عند شرحه لقول المتنبِّي:

وَبِهِ يُضَنُّ عَلَى البَرِيَّةِ لا بِها وَعَليهِ منها لا عَلَيها يُوسَى (٦)

ف (مِنْ) للتَّعليل؛ أي: من أجلها، ودلالة (مِنْ) على التَّعليل نصَّ عليه الإربلي، والمرادي، وابن هشام (٧) .

الرَّابع: الزِّيادة؛ وذلك عند شرحه لقول المتنبِّي:

نَوَاخسَ الأطرَافِ للأكفَالِ يَكدْنَ يَنفُذْنَ مِنَ الأطَالِ (٨)

فقد نصَّ (٩) على أنَّ (مِنْ) في البيت زائدة، ونبَّه على الخلاف الواقع بين سيبويه والأخفش في زيادة (مِنْ) ؛ حيث إنَّ سيبويه (١٠) يشترط لزيادتها أن يكون ما قبلها غير موجب؛ أي أن يكون نفيًا، أو نهيًا، أو استفهامًا ب (هل) (١١) نحو: ما قام من رجل، ولا تضرب من رجل، وهل جاءك من رجل. أمَّا الأخفش فيرى جواز زيادتها في الإيجاب (١٢) ، وبرأيه أخذ ابن سِيْدَه؛ حيث عدَّها زائدة في كلامٍ موجب، وأراه الرَّأي الرَّاجح؛ لثبوت السَّماع بذلك في النَّثر والنَّظم، أمَّا النَّثر؛ فنحو قول الله تعالى:

(ويُكَفِّر عَنكُم مِنْ سَيْئَاتِكُم ( [البقرة ٢٧١]

وأمَّا النَّظم؛ فكقول الشَّاعر (١٣) :

وكُنتُ أرَى كَالمَوتِ مِنْ بَينِ سَاعةٍ فَكَيفَ بِبَينٍ كَانَ مَوعِدهُ الحَشْرُ

وذكر ل (في) معنًى واحدًا؛ وهو: التَّعليل؛ وذلك عند شرحه لقول المتنبِّي:

<<  <  ج: ص:  >  >>