وهذا الحكم مختصٌّ به (أفعل) المجرَّد من (ال) والإضافة، فهو الَّذي تلحقه (مِنْ) جارةً للمفضَّل عليه، ولكنَّها قد تُحذف كما حُذفت في قول المتنبِّي:
أُغَالِبُ فِيكَ الشَّوقَ والشَّوقُ أَغلَبُ
وأَعجَبُ مِنْ ذَا الهَجرِ والوَصْلُ أَعجَبُ (١)
فقدَّرها ابن سِيْدَه ب: والشَّوقُ أغلبُ منِّي له، وقال: ” حَذفَ للعلم بما يعني؛ كقولنا:(الله أكبر) ، أي: من كلِّ شيء فحذف " (٢) ، ثُمَّ استشهد بما استشهد به سيبويه في المسألة، وهو قول سُحيم بن وَثيل:
مَرَرتُ على وادِي السِّباعِ ولا أرَى كَوَادِي السِّباعِ حِينَ يُظْلِمُ وَادِيَا
يقول سيبويه: " أراد: أقلَّ به الرَّكبُ تئِيَّةً منهم به، ولكنَّه حذف ذلك استخفافًا؛ كما تقول: أنت أفضلُ، ولا تقول: مِن أحد، وكما تقول: الله أكبرُ، ومعناه: الله أكبرُ مِن كلِّ شيء “ (٣) .
المسألة الثَّانية: صياغة (أفعل) من الفعل الثُّلاثي
وهذا هو أهمُّ شرطٍ في الشُّروط الَّتي يجب توافرها في الفعل الَّذي يُصاغ منه (أفعل) التَّفضيل (٤) ، وابن سِيْدَه ذكره مرَّتين، ولكنَّه في كلتا المرَّتين لم ينصَّ عليه كشرطٍ من شروط صياغة (أفعل) التَّفضيل، وإنَّما كان " يعتذر " للمتنبِّي عن صياغته (أفعل) من غير الثُّلاثي؛ حيث قال عند شرحه لقول المتنبِّي:
إِبْعَدْ بَعِدتَ بَيَاضًا لا بَيَاضَ لَهُ لأَنْتَ أَسوَدُ في عَينِي مِنَ الظُّلَمِ (٥)