للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حيث قال: " قوله: ذا مثله، أقام فيه الصِّفة مقام الموصوف؛ أي: ذا جيشٍ مثله، وحسُن حذف الموصوف هنا وإقامة الصِّفة مقامه لأمرين؛ أحدهما: أنَّ (مثل) مضافة، فشاكلت بذلك الأسماء؛ لأنَّ الإضافة إنَّما هي للاسم، والآخر: أنَّ لفظ الموصوف المحذوف وهو الجيش قد تقدَّم مُظهرًا في قوله: بلى يروع بذي جيشٍ يُجدِّله " (١) .

وأمَّا المرَّة الأخرى الَّتي لمَّح فيها بالحكم فهي عند شرحه لقول المتنبِّي:

لاَ تَلقَ أَفرَسَ مِنْكَ تَعرِفُهُ إِلاَّ إِذا ضَاقَتْ بِكَ الحِيَلُ (٢)

حيث قال: " قوله: (أفرسَ منك) صفة موضوعة موضع الاسم؛ أي: رجلا أفرسَ منك وحسن وضع الصِّفة هنا موضع الاسم؛ لأنَّها قد تقوَّت بقوله (منك) " (٣) . وحَذْفُ الموصوف وإقامة الصِّفة مقامه من الأمور المتفق عليها عند جمهور النُّحاة (٤) .

من باب عطف النَّسق

مسألة: طريقة العطف على ضمير الرَّفع المتصل

وطريقته تكون إمَّا بتأكيده بضمير رفعٍ منفصل؛ نحو: جئتُ أنا وزيدٌ، وإمَّا بالفصل بينهما [أي: بين المتعاطفين] بأيِّ فاصلٍ؛ نحو قول الله تعالى:

(لَوْ شَاءَ الله ُمَا أشْرَكْنَا وَلا آباؤنَا ( [الأنعام ١٤٨]

ولذا عندما قال المتنبِّي:

يُبَاعِدْنَ حِبًّا يَجْتَمِعْنَ ووَصْلُهُ فَكَيفَ بِحِبٍّ يَجتَمِعْنَ وَصَدُّهُ (٥)

بعطفِ (وصلُه) و (وصدُّه) على ضمير الرَّفع المتصل في (يجتمعْن) من دون توكيده، أو فصله عن المعطوف بأيِّ فاصلٍ، عدَّ ابن سِيْدَه هذا العطف ضرورة، كالضَّرورة الَّتي ارتكبها عمر بن أبي ربيعة حين قال:

قُلتُ إذْ أقبَلَتْ وزُهرٌ تَهَادَى كَنِعَاجِ المَلا تَعسَّفنَ رَملا (٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>