للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حيث عطف (زُهر) على ضمير الرَّفع المستتر في (أقبلتْ) من دون توكيده، أو فصله، وقال: " ولو أسعده الوزن بتأكيد الضَّمير؛ فقال: هي، لكان الرَّفع لا ضرورة فيه " (١) ، وهو بهذا يوافق رأي البصريين (٢) ، أمَّا الكوفيون فقد جوَّزوا (٣) العطف على الضَّمير المرفوع المتصل دون فصلٍ في اختيار الكلام، واحتجُّوا ببيت عمر بن أبي ربيعة السَّابق، ووافقهم ابن مالك؛ حيث قال بعد أن ذكر البيت: " رفع زهرًا عطفًا على الضَّمير المستكن في (أقبلتْ) مع التَّمكُّن من جعله مفعولاً معه " (٤) ، كما احتجَّ بما حكاه سيبويه من قول بعضهم: " مررت برجلٍ سواءٍ والعدمُ " (٥) ؛ حيث عطف (العدمُ) دون فصلٍ، ودون ضرورة على ضمير الرَّفع المستتر في (سواء) ، وبقول علي بن أبي طالب (رضي الله تعالى عنه) : كنت أسمع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: “ كنتُ وأبوبكرٍ وعمرُ، وفعلتُ وأبو بكرٍ وعمرُ، وانطلقتُ وأبو بكرٍ وعمرُ " (٦) .

وهذه الشَّواهد وإن كانت تعزِّز قول الكوفيين، وابنَ مالك إلاَّ أنَّه ينبغي الحكم بقلَّة ما ورد منها، وعدم القياس عليها.

من باب البدل

مسألة: حكم إبدال الاسم الظَّاهر من ضميري المتكلِّم والمخاطب

وقد نصَّ على منعه بقوله: " المخاطب لا يُبدل منه البتَّة “ (٧) ، وعلَّل سبب المنع بقوله: “ لأنَّ المخاطب والمخْبِر عن نفسه قد أمِن التباسهما، فقد أغنى ذلك عن الإبدال منهما؛ إذ البدل إنَّما هو للبيان “ (٨) ، ولذا أعرب كلمة (هباتُك) في قول المتنبِّي:

وَأَنَّكَ لا تَجُودُ على جَوَادٍ هِبَاتُكَ أَنْ يُلَقَّبَ بِالجَوادِ (٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>