واحتجّ المانعون بفساد المعنى عند تقدير " لا " بعد " إنْ " الشرطية، إذ سيصير " إنْ لا تدنُ من الأسدِ يأكلْك "، وهذا محال، لأنّ تباعده لا يكون سببًا لأكله، ويجوز الرفع، أو إدخال الفاء والنصب (٦٢) .
وقالوا بأنّ المضمر يجب أنْ يكون من جنس المظهر (٦١) إذ لو خالفه لما دلّ عليه، فيجب أنْ تعاد " لا " في جملة الشرط المقدرة.
أما المجيزون فاحتجوا بالقياس والسماع، بالقياس على النصب فكما جاز النصب في " لا تدنُ من الأسدِ فيأكلَك " بثبوت الفاء والنصب، جاز الجزم عند سقوطها.
وبالسماع (٦٤) ، فقد جاء في الأثر أنّ أبا طلحة قال للنبيّ – صلى الله عليه وسلم – في بعض المغازي: " لا تُشْرِفْ يُصبْك سَهْمٌ من سِهَامِهِمْ " (٦٥) –بجزم " يصبك " على جواب النهي –
وعنه- صلى الله عليه وسلم– "منْ أَكَلَ مِنْ هذه الشَّجَرَةِ فلا يقربْ مسجدَنا يؤذِنا بريحِ الثومِ " (٦٦) بجزم " يؤذنا " على جواب النهي.
وعنه-صلى الله عليه وسلم-: " لا تَرْجِعُوا بعدي كفاراً يضربْ بعضُكم رقابَ بعضٍ " (٦٧) بجزم " يضربْ " على جواب النهي.
كما احتجوا بقول بعض العرب: " لا تَسْألُونا نُجبْكم بما تكرهون " (٦٨) بجزم " نجبْكم " على جواب النهي.
وبقراءة الحسن: ? وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثرْ ? (٦٩) بالجزم في بعض التوجيهات.
وجاء في (كتاب الجمل) (٧٠) " لا تقصدْ زيداً تندمْ ".
وفي (التبصرة والتذكرة) للصيمري (٧١) - في بعض النسخ -: " لا تشتم زيداً يضربْك ".
وأجاب البصريون بأنه لو صحّ القياس على النصب لصحّ الجزم بعد النفي قياساً على النصب (٧٢) .
وردوا النصوص السابقة (٧٣) بندورها، وبجواز أن يكون المجزوم ثانياً بدلاً من المجزوم أولاً لا جواباً، وبثبوت الياء في الحديث الأول والثاني في بعض الروايات.
أما قراءة الحسن، فقالوا بأنها تحتمل عدة أوجه (٧٤) :