وقد يُقصَد بالفعل الواقع بعد الطلب بيانُ السبب الذي نهاه عن هذا الفعل أو أمَرَه به من أجله، فعندئذٍ يكون إدخال فاء السببيَّة والنَّصب؛ أي: لا تتركْ الطفلَ فيبكي، فالبكاء متسبّب عن الترك، وكلّ هذه الأوضاع للفعل يحدِّدها المعنى الذي قصده المتكلم. والفرقُ - في حالة الرفع - بين الاستئناف، والوصف ,والحال أنَّ الفعل في الاستئناف يكون منقطعاً عمَّا قبله، فكأننا توقفنا وقطعنا الكلام السابق، ثمَّ بدا لنا أنْ نستأنف الحديث، فنقف وقفةً لطيفةً على ما قبل الفعل، ويتّضح هذا الأمر في المحادثة الشفهية، إذا كان المتحدِّث ممَّن يُحْسِن التعبير عن المعاني المختلفة بالأداء المناسب لكلّ معنًى، فنبرة الصوت لها أثرٌ في إبلاغ المعاني المرادة، وهو أمرٌ قد يُغفله الكثيرون رغم أهميته البالغة، لذا يجب أنْ يُدَرَّب النّاشئة على الخطابة والإلقاء، وأداء المعاني المختلفة أداءً صحيحاً معبّراً عن المعنى المراد، فالأداء الصحيح من أهم مقومات الخطابة الجيدة، والإلقاء المتميز.
أمّا في الوصف والحال فالفعل متصل بما قبله، والكلام يجب أنْ يكون متتابعاً؛ لما بين الصفة والموصوف، والحال وصاحبها من تلازم وارتباط قويّ.
وإنْ كنَّا نتعامل مع نصوص مكتوبة، فسنلاحظ أنَّ القرائن المعنوية ستوجِّه الذهن إلى أنَّ الفعل الواقع بعد الطلب يقوى فيه معنًى على المعاني الأخرى الجائزة، ومنها ما يمتنع فيه معنى، وتجوز فيه المعاني الأخرى على تفاوت في الجواز.
فممَّا يقوى فيه الجزم على الجواب من الآيات الكريمة قوله تعالى: ? وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذعِ النَّخْلَةِ تُسَاقطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا ? (٩٥) بجزم